الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ ٱفتَرَىٰ عَلَىٰ ٱللَّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ } * { قَالَ رَبِّ ٱنْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } * { قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ }

حكى الله تعالى عن الملأ الذين قالوا { هيهات هيهات لما توعدون } لقومهم الذين أغووهم، وقالوا أيضاً ليست الحياة { إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين } أي لسنا نبعث يوم القيامة على ما يقول هذا المدعي للنبوة من قبل الله. ومعنى { نموت ونحيا } أي يموت منا قوم ويحيا قوم، لأنهم لم يكونوا يقرون بالنشأة الثانية، فلذلك قالوه على هذا الوجه، وشبههتم فى انكار البعث طول المدة فى القرون الخالية، فظنوا أنه ابداً على تلك الصفة، وهذا أبلغ، لأنه إذا اقتضت الحكمة طول المدة لما في ذلك من المصلحة للمكلفين، فلا بد منه، لأن الحكيم لا يخالف مقتضى الحكمة، فقال النبي المرسل عند ذلك يا { رب انصرني بما كذبون } أي اهلك هؤلاء جزاء على تكذيبي ونصرة لي، ومعونة على صحة قولي. فقال الله تعالى له { عما قليل } أي عن قليل و (ما) زائدة { ليصبحن } هؤلاء القوم { نادمين } على ما فعلوه من تكذيب الرسل، وجحد وحدانية الله، والاشراك مع الله فى عبادته غيره

واللام فى قوله { ليصبحن } لام القسم يجوز أن يقدم ما بعدها عليها وتقدير الكلام: ليصبحن هؤلاء نادمين عن قليل.