الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ ٱلْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوۤاْ أَنَّهُمْ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ } * { قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ } * { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ ٱلْعَآدِّينَ } * { قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } * { فَتَعَالَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ } * { وَمَن يَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ } * { وَقُل رَّبِّ ٱغْفِرْ وَٱرْحَمْ وَأنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ }

قرأ حمزة والكسائي وخارجة عن نافع { أنهم هم الفائزون } بكسر الهمزة. الباقون بفتحها. وقرأ ابن كثير { قل كم لبثتم } على الامر. الباقون { قال كم لبثتم } على الخبر. وقرأ حمزة والكسائي { قل } فيهما على الأمر. الباقون { قال } فيهما على الخبر. وقرأ { ترجعون } بفتح التاء وكسر الجيم حمزة والكسائي. الباقون بضم التاء وفتح الجيم.

اخبر الله تعالى { إني جزيتهم اليوم } يعني المؤمنين الذين سخر منهم الكفار فى دار التكليف، وأكافيهم على صبرهم ومضضهم في جنب الله، على أقوال الكفار وهزؤهم بهم بـ { أنهم هم الفائزون } وحذف الباء، ونصب الهمزة، وقيل: إنها فى موضع جر، وتقديره جزيتهم بفوزهم بالجنة. وقيل تقديره: لانهم هم الفائزون. ومن خفض الهمزة فاستأنف، فالجزاء مقابلة العمل بما يستحق عليه من ثواب أو عقاب كما يقال: الناس مجزّيون بأعمالهم إن خيراً فخيراً، وإن شراً فشراً. والصبر حبس النفس عما تنازع اليه مما لا يحسن، أو ليس بأولى، لان الصبر طاعة الله لما وعد عليه من الجزاء، والطاعة قد تكون فرضاً، وقد تكون نفلا.

وقوله { اليوم } يريد به أيام الجزاء لا يوماً بعينه، لأن اليوم هو ما بين طلوع الفجر الثاني الى غروب الشمس، وليس المراد في الآية ذلك.

قوله { قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين } فمن قرأ { قال } فمعناه قال الله لهم كم لبثتم. ومن قرأ { قل } معناه قل لهم يا محمد، واللبث هو المكث وهو حصول الشيء على الحال اكثر من وقت واحد، واللابث هو الكائن على الصفة، على مرور الأوقات. والعدد عقد يظهر به مقدار المعدود، يقال: عده يعده عداً وعدداً، فهو عاد. والحساب هو اخراج المقدار فى الكمية وهي العدة، وهذا السؤال لهم على وجه التوبيخ لانكارهم البعث والنشور، فيقول الله لهم اذا بعثهم { كم لبثتم في الأرض عدد سنين } اي اين ما كنتم تنكرون من اجابت الرسل وما جاءت به وتكذبون به.

وقوله { قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم } فسأل العادين قال مجاهد: معناه فسأل العادين من الملائكة لانهم يحصون أعمال العباد. وقال قتادة: العادين هم الحساب الذين يعدون الشهور والسنين، ولا يدل ذلك على بطلان عذاب القبر، لانهم لم يكونو يعدون كاملي العقول، وقد صح عذاب القبر بتضافر الاخبار عن النبي (صلى الله عليه وسلم) واجماع الامة عليه - ذكره الرماني - ولا يحتاج الى هذا، لانه لا يجوز أن يعاقب الله العصاة إلا وهم كاملوا العقول ليعلموا أن ذلك واصل إليهم على وجه الاستحقاق. ووجه اخبارهم بيوم او بعض يوم، هو الاخبار عن قصر المدة، وقلته، لما مضى لسرعة حصولهم فى ما توعدهم الله تعالى، فيقول الله تعالى في الجواب { إن لبثتم إلا قليلاً } اي لم تلبثوا إلا قليلا، والمراد ما قلناه من قصر المدة كما قال

السابقالتالي
2