الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ ٱللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَانِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ كَذٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ } * { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } * { ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا ٱسمُ ٱللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }

قرأ يعقوب { لن تنال الله لحومها ولكن تناله } بالتاء فيهما. الباقون بالياء فيهما. وقد مضى ذكر نظائره. وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي " أذن " بفتح الالف " يقاتلون " بكسر التاء. وقرأ نافع وحفص " أذن " بضم الألف " يقاتلون " بفتح التاء. وقرأ ابو عمرو، وابو بكر عن عاصم " أذن " بضم الالف " يقاتلون " بكسر التاء. وقرأ ابن عامر " أذن " بفتح الألف " يقاتلون " بفتح التاء. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو { إن الله يدفع، ولولا دفع الله } بغير ألف فى الموضعين الباقون " يدافع " ، { ولولا دفاع الله } باثبات الألف في الموضعين. وقرأ أهل الكوفة وإبن كثير وابو جعفر " لهدمت " بتخفيف الدال. الباقون بتشديدها، وهما لغتان. والتشديد للتكثير.

قال الحسن: هدمها تعطيلها، فاذا هدمت مواضع الصلاة فكأنهم هدموا الصلاة. وقيل: إن الصلوات بيوت النصارى، يسمونها صلوتاً، وقال أبو العالية الصلوات بيوت الصابئين وانشد:
اتق الله والصلوت فدعها   إن فى الصوم والصلوت فساداً
يريد بيت النصارى ومعنى الصوم - فى البيت - ذرق النعام.

{ ودفع الله، ودفاع الله } [لغتان والأغلب أن يكون (فعال) بين اثنين. وقد يكون للواحد مثل عافاه الله وطارقت النعل] وقال ابن عمر: دفاع الله، ويدافع: لحن. ومن فتح الالف فى { أذن } وكسر التاء فى { يقاتلون } فالمعنى أذن الله للذين يقاتلون أن يقاتلوا من ظلمهم، وكذلك المعنى فى قراءة الباقين. ومعنى { بأنهم ظلموا } أي من أجل انهم ظلموا.

يقول الله تعالى { والبدن جعلناها } فنصب البدن بفعل مضمر يدل عليه { جعلناها } ومثلهوالقمر قدرناه } فيمن نصب القمر والبدن جمع بدنة، وهي الابل المبدنة بالسمن. قال الزجاج: يقولون: بدنت الناقة إذا سمنتها. ويقال لها بدنة من هذه الجهة. وقيل: أصل البدن الضخم، وكل ضخم بدن. وبدن بدناً إذا ضخم، وبدن تبديناً، فهو بدن، ثقل لحمه للاسترخاء كما يثقل الضخم. والبدنة الناقة، وتجمع على بدن وبدن. وتقع على الواحد والجمع قال الراجز:
على حين تملك الأمورا   صوم شهور وجبت نذورا
وحلق رأسي وافياً مغضورا   وبدناً مدرعاً موفورا
قال عطاء: البدن البقرة والبعير. وقيل: البدنة إذا نحرت علقت يد واحدة، فكانت على ثلاث، وكذلك تنحر، وعند أصحابنا تشد يداها الى إبطيها، وتطلق رجلاها. والبقر تشد يداها ورجلاها ويطلق ذنبها، والغنم تشد يداها ورجل واحدة وتطلق الرجل الأخرى.

وقوله { جعلناها لكم من شعائر الله } معناه جعلناها لكم فيها عبادة لله بما في سوقها الى البيت وتقليدها بما ينبئ أنها هدي. ثم نحرها للاكل منها واطعام القانع والمعتر. وقيل { من شعائرالله } معناه من معالم الله { لكم فيها خير } أي منافع في دينكم ودنياكم، مثل ما فسرناه.

السابقالتالي
2 3