الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ } * { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيۤ أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ } * { قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ } * { قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا بِٱلْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ ٱللاَّعِبِينَ }

لما اخبر الله تعالى أنه آتى موسى وهارون الفرقان، والضياء، والذكر. وبين أن القرآن ذكر مبارك أنزله على محمد (صلى الله عليه وسلم)، أخبر انه آتى إبراهيم أيضاً قبل ذلك { رشده } يعني آتيناه من الحجج والبينات ما يوصله الى رشده، من معرفة الله وتوحيده. والرشد هو الحق الذي يؤدي الى نفع يدعو اليه. ونقيضه الغي، رشد يرشد رشداً ورشداً، فهو رشيد. وفى نقيضه: غوى يغوى غياً، فهو غاو. وقال قتادة ومجاهد: معنى { آتيناه رشده } هديناه صغيراً. وقال قوم: معنى { رشده } النبوة. وقوله { من قبل } يعني من قبل موسى وهارون. وقوله { وكنا به عالمين } أي كنا عالمين بأنه موضع لايتاء الرشد، كما قال تعالىولقد اخترناهم على علم على العالمين } وقيل: كنا نعلم أنه يصلح للنبوة { إذ قال لابيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون }. { إذ } فى موضع نصب، والعامل فيه { آتيناه رشده... إذ قال } أي في ذلك الوقت، وفيه إخبار عما أنكر ابراهيم على قومه وأبيه حين رآهم يعبدون الأصنام والأوثان، فانه قال لهم: أي شيء هذه الاصنام؟! يعني الصور التي صرتم لازمين لها بالعبادة، والعكوف اللزوم لأمر من الامور: عكف عليه عكوفاً، فهو عاكف. وقيل في معنى { لها عاكفون } لاجلها. قال مجاهد { هذه التماثيل } الأصنام. ثم حكى ما أجابه به قومه، فانهم قالوا { وجدنا آباءنا لها } لهذه الاصنام { عابدين } فأحالوا على مجرد التقليد. فقال لهم ابراهيم { لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين } فذمهم على تقليد الآباء، ونسب الجيمع الى الضلالة والعدول عن الحق. فقالوا له عند ذلك { أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين } ومعناه أجاد أنت فيما تقول محق عند نفسك أم أنت لاعب مازح؟ وذلك أنهم كانوا يستبعدون إنكار عبادتها عليهم.