الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ فِي هَـٰذَا لَبَلاَغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } * { قُلْ إِنَّمَآ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } * { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ ءَاذَنتُكُمْ عَلَىٰ سَوَآءٍ وَإِنْ أَدْرِيۤ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ } * { إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ } * { وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ } * { قَالَ رَبِّ ٱحْكُم بِٱلْحَقِّ وَرَبُّنَا ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ }

يقول الله تعالى { إن في هذا } المعنى الذي أخبرتكم به، مما توعدنا به الكفار، من النار والخلود فيها، وما وعدنا به المؤمنين من الجنة والكون فيها { لبلاغاً } وقيل: { إن في هذا } يعني القرآن { لبلاغاً } أي لما يبلغ الى البغية من أخذ به، وعمل عليه. والبلوغ الوصول. والبلاغ سبب الوصول الى الحق، ففي البرهان بلاغ، والقرآن دليل وبرهان. وقيل: معناه إنه يبلغ رضوان الله ومحبته وجزيل ثوابه { لقوم عابدين } لله مخلصين له.

ثم قال لنبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) { وما أرسلناك } يا محمد { إلا رحمة للعالمين } أي نعمة عليهم، ولأن ترحمهم.

وفي الآية دلالة على بطلان قول المجبرة فى أنه: ليس لله على الكافرين نعمة. لانه تعالى بين ان إرسال الله رسوله نعمة على العالمين. وعلى كل من أرسل اليهم. ووجه النعمة على الكافر انه عرضه للايمان ولطف له فى ترك معاصيه. وقيل: هي نعمة على الكافر بأن عوفي مما اصاب الأمم قبلهم من الخسف والقذف - في قول ابن عباس - ثم قال له (صلى الله عليه وسلم) قل لهم { إنما يوحي الي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون } اي مسلمون لهذا الوحي الذي أوحي الي، من اخلاص الالهية والعبادة لله تعالى. ثم قال { فإن تولوا } يعني إن اعرضوا عن هذا الذي تدعوهم اليه من إخلاص التوحيد، فقل لهم { آذنتكم على سواء } أي اعلمتكم على سواء في الايذان تتساوون في العلم به لم اظهر بعضكم على شيء كتمته عن غيره، وهو دليل على بطلان قول أصحاب الرموز، وأن للقرآن بواطن خص بالعلم بها اقوام. وقيل على سواء في العلم اني صرت مثلكم، ومثله قولهفانبذ إليهم على سواء } أي ليستوي علمك وعلمهم. وقيل معناه: لتستووا في الايمان به.

وقوله { وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون } معناه لست اعلم ان ما وعدكم الله به من العقاب اقريب مجيؤه ام بعيد. وقوله { وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين } اي لست ادري لعل التأخير شدة في عبادتكم يظهر بها ما هو كالسر فيكم من خير أو شر، فيخلص الجزاء بحسب العمل. واصل الفتنة التخليص بالشدة، كتخليص الذهب بشدة النار من كل شائب من غيره. وقيل { فتنة لكم } اي اختبار لكم { ومتاع إلى حين } أي تتمتعون الى الوقت الذي قدره الله لاهلاككم.

ثم قال لنبيه (صلى الله عليه وسلم) { قل } يا محمد { رب احكم بالحق } انما أمره أن يدعو بما يعلم انه لا بد أن يفعله تعبداً، لانه إذا دعا بهذا ظهرت رغبته في الحق الذي دعا به. وقال قتادة: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) اذا شهد قتالا قال { رب احكم بالحق } بيني وبين المشركين بما يظهر به الحق للجميع.

السابقالتالي
2