الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ ٱلبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهْتَدُونَ }

القراءة:

القراء كلهم على تخفيف الشين مفتوحة الهاء. وقرأ الحسن: بتشديد الشين، وضم الهاء، وقرأ الاعمش إن البقر متشابه. وكذا هو في مصحف ابن مسعود والمعمول على ما عليه القراء وما هو في المصحف المعروف. تقدير الكلام، قال قوم موسى لما امروا بذبح البقرة لموسى. وترك ذكر موسى، لدلالة الكلام عليه.

اللغة:

واهل الحجاز يؤنثون البقر. فيقولون: هذه بقر وكذلك النخل. وكل جمع كان واحده بالهاء، وجمعه بطرح الهاء، فانهم يؤنثون ذلك وربما ذكروا ذلك قال الله تعالىكأنهم أعجاز نخل خاوية } ـ بالتأنيث ـ وفي موضع آخر:كأنهم أعجاز نخل منقعر } والاغلب عليهم التأنيث. واهل نجد يذكرون وربما انثوا. والتذكير الغالب. فمن ذكر نصب الهاء من { تشابه } يعني التبس واشتبه. ومن انث رفع الهاء لأنه يريد يتشابه علينا.

والبقر، والباقر، والجامل، والجمال بمعنى واحد. وقرأ بعضهم إن الباقر تشابه علينا. وهو شاذ. قال الشاعر:
وما ذنبه ان عافت الماء باقر   وما ان تعاف الماء الا لتضربا
وقال آخر:
ما لي رأيتك بعد اهلك موحشا   خلقا كحوض الباقر المنهدم
وقال آخر:
لهم جامل لا يهدأ الليل سامره   
يريد الجمال. والذي ذهب اليه ابن جريج، وقتادة ورووه عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وسلم) انهم امروا بادنى بقرة، لكنهم لما شددوا على أنفسهم، شدد الله عليهم: وايم الله، لو انهم لم يستثنوا ما تبينت لهم إلى آخر الدهر يعني انهم لو لم يقولوا وانا ان شاء الله لمهتدون بتعريف الله ايانا، وبما شاء له الله من اللطف والزيادة في البيان. وكل من اختار تاخير بيان المجمل عن حال الخطاب استدل بهذه الآية على جواز ذلك. وسنبين ذلك فيما بعد ان شاء الله.