الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

القراءة:

قرأ نافع بترك الهمز من الصابئين، وجميع القراء الباقون يهمزون

اما { الذين آمنوا } وهم المصدقون برسول الله (صلى الله عليه وسلم) بما اتاهم من الحق من عند الله. واما الذين هادوا فهم اليهود.

اللغة:

ومعنى هادوا: تابوا. يقال: هاد القوم يهودون هودا، وهيادة وقال ابن جريج: إنما سميت اليهود يهودا، لقولهم: انا هدنا اليك. قال أعرابي يؤخذ بقوله: على ما قال ابو عبيدة: فاني من مدحه هائد أي تائب. وقيل: انما سموا يهودا، لانهم نسبوا إلى يهوذا أكبر أولاد يعقوب فعرّبت الذال دالا. وقال زهير: في معنى الرجوع:
سوى مرجع لم يات فيه مخافة   ولا رهقا من عابد متهود
أي تائب فسميت اليهود يهودا، لتوبتهم من عبادة العجل. واصل الهود: الطمانينة. ويخبر به عن لين السير. ومنه الهوادة: وهي السكون. قال الحسين بن علي المغربي انشدني ابو رعاية السلمي، وهو من افصح بدوي أطاف بنا، واغزرهم رواية:
صباغتها من مهنة الحي بالضحى   جياد المداري حالك اللون اسودا
اذا نفضتة مال طوراً بجيدها   وتمثاله طوراً باغيدا فوّدا
كما مال قنوا مطعم هجرّية   اذا حركت ريح ذرى النخل هودا
المطعم: النخلة. شبه شعرها باقناء البسر. هوّد تحرك تحريكة لينة قال زهير:
ولا رهقا من عايد متهود   
وليس اسم يهود مشتقا من هذا.

والنصارى جمع نصران كقولهم سكران وسكارى. ونشوان ونشاوى. هذا قول سيبويه: قال الشاعر:
تراه اذا كان العثي محنفا   يضحي لديه وهو نصران شامس
وقد سمع في الانثى نصرانة قال الشاعر:
وكلتاهما خرت واسجد رأسها   كما سجدت نصرانة لم تحنف
وقد سمع في جمعهم انصار بمعنى النصارى قال الشاعر:
لما رأيت نبطاً انصارا   شمرت عن ركبتي الازارا
كنت لهم من النصارى جارا   
والمشهور أن واحد النصارى نصري: مثل بعير مهري ومهارى. وانما سموا نصارى، لنصرة بعضهم بعضا. دليله الآيات التي ذكرناها. وقيل انما سموا بذلك لأنهم نزلوا ارضاً يقال لها: ناصرة. وكان ينزلها عيسى فنسب اليها، فقيل عيسى الناصري، ثم نسب اصحابه اليه فقيل النصارى، وهذا قول ابن عباس، وقتادة، وابن جريج. وقيل: إنهم سموا بذلك، لقوله:من أنصاري إلى الله } والصابئون جمع صابىء: وهو من انتقل من دينه إلى دين آخر كالمرتد من اهل الاسلام. وكل خارج من دين كان عليه إلى آخر يسمى صابئا قال ابو زيد: صبا فلان في دينه يصبا صبوا اذ كان صابئا وصبأ تاب الصبي يصبوا صبوا: اذا كان طلع. وقال الزجاج: صبأت النجوم: اذا ظهرت. وقال ابو زيد: صبوت اليهم تصبأ صبأ وصبوء: إذا طلعت عليهم، وكان معنى الصابىء التارك دينه الذي شرع له إلى دين غيره: كما قال: ان الصابىء على القوم تارك لأرضه ومنتقل إلى سواها.

السابقالتالي
2 3 4