الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }

النزول ـ نزلت في أبي جهل وفي خمسة من قومه من قادة الاحزاب قتلوا يوم بدر في قول الربيع بن أنس، واختاره البلخي والمغربي. وقال ابن عباس: نزلت في قوم باعيانهم من أحبار اليهود ذكرهم باعيانهم، من اليهود الذين حول المدينة. وقال قوم: نزلت في مشركي العرب، واختار الطبري قول ابن عباس. والذي نقوله إنه لا بد أن تكون الآية مخصوصة لأن حملها على العموم غير ممكن، لأنا علمنا أن في الكفار من يؤمن فلا يمكن العموم، وأما القطع على واحد مما قالوه فلا دليل عليه، ويجب تجويز كل واحد من هذه الاقوال، ومن مات منهم على كفره يقطع على أنه مراد بالآية، فعلى هذه قادة الاحزاب مرادون على ما قال ربيع بن انس ومن قتل يوم بدر كذلك ومن قال ان الآية مخصوصة بكفار اهل الكتاب قال: لأن ما تقدمها مختص بمؤمنيهم فيجب ان يكون ما يعقبها مختصاً بكفارهم وقد قلنا إن الآية الاولى حملها على عمومها اولى ولو كانت خاصة بهم لم يجب حمل هذه الآية على الخصوص لما تقدم فيما مضى. والذين نصب بأن. والكفر هو الجحود والستر ولذلك سمي الليل كافراً لظلمته قال الشاعر:
فتذكرا نقلا رشيداً بعد ما   القت ذكاء يمينها في كافر
وقال لبيد:
في ليلة كفر النجوم غمامها   
يعني غطاها.

والكافور اكمام الكرم الذي يكون فيه والكفري وِعاءُ الطلعة لأنه يستر اللب ومنه قوله تعالى:كمثل غيث أعجب الكفار نباته } وسمي الزارع كافراً لتغطيته البذر ويقال فلان متكفر بالسلاح اذا تغطى به. وفي الشرع عبارة عمن جحد ما اوجب الله عليه معرفته من توحيده وعدله ومعرفة نبيه والاقرار بما جاء به من اركان الشرع فمن جحد شيئاً من ذلك كان كافراً وربما تعلقت به احكام مخصوصة من منع الموارثة والمناكحة والمدافنة والصلاة عليه وربما لم يتعلق بحسب الدليل عليه.

قوله تعالى: { سواء عليهم ءأنذرتهم } جمع بين الهمزتين أهل الكوفة وابن عامر إلا الحلواني وكذلك في كل همزتين في كلمة واحدة اذا كانت الاولى للاستفهام إلا في مواضع مخصوصه نذكرها فيما بعد الباقون بتخفيف الاولى وتليين الثانية وفصل بينهما بالألف أهل المدينة إلا ورشاً وابا عمرو والحلواني عن هشام.

ومعنى قوله { سواء } أي معتدل مأخوذ من التساوي كقولك متساو وتقول: هذان الأمران عندي سواء أي معتدلان، ومنه قوله:فانبذ إليهم على سواء } يعني بذلك اعلمهم وآذنهم للحرب ليستوي علمك وعلمهم بما عليه كل فريق منكم للاخر ومعناه: أي الامرين كان منك اليهم الانذار أم ترك الانذار فانهم لا يؤمنون. وقال عبد الله بن قيس الرقيات:
تعدت بي الشهباء نحو ابن جعفر   سواء عليها ليلها ونهارها

السابقالتالي
2 3