الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

القراءة:

{ بارئكم } اسكن الهمزة فيها ابو عمرو. إلا المعدل وسحارة من طريق الجرمي، وابن مجاهد فكلهم خففوا الهمزة فيها. الا ابا طاهر عن ابن مجاهد عن اسماعيل فانه قلبها ياء.

التقدير واذكروا ايضاً اذ قال موسى لقومه: { يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل }. وظلمهم اياها كان فعلهم بها ما لم يكن لهم ان يفعلوه بما يستحق به العقاب. وكذلك كل من فعل فعلا يستحق به العقاب فهو ظالم لنفسه. وقد بينا معنى التوبة فيما مضى. واما قوله: { إلى بارئكم }.

اللغة:

فالبارىء هو الخالق الصانع. يقال: برأه. واستبرأ استبراء، وتبرأ تبريا، وباراه مباراة، وبرأه براءة، وتبرئة. قال صاحب العين: البرأ مهموز وهو الخلق تقول برأ الله الخلق وهو يبرؤهم وهو البارىء وقال امية:
الخالق البارىء المصور في   ال أرحام ماء حتى يصير دما
والبرء السلامة من السقم. تقول برأ برؤه وبرئت وبرأت وبرؤت براءة. وتبرأ تبريا لغة في هذا والبراءة من العيب والمكروه لا يقال منه: الا برىء براء وفاعله برىء وفلان برىء وبراء كقوله: إني براء. وامرأة براء. ونسوة براء وبراء على وزن فعلاء. ومنه قوله: " انا برآء منكم " جمع برىء. ومن ترك الهمزة. قال: براء على وزن فعال. وتقول بارأت الرجل اي برئت اليه. وبرىء إلى مثل ذلك. وبارات المراة اي صالحتها على المفارقة وابرات الرجل من الضمان والدين وبرأه تبرئة. ويقال: ابرأ الله فلانا من المرض إبراء حسناً، والاستبراء: استبراء الجارية والمرأة بان لا يطأها حتى تحيض. والاستبراء نقاء الفرج من القذر. وأصل الباب تبري الشيء من الشيء: وهو انفصاله منه. وبرأ الله الخلق اي فطرهم، فانهم انفصلوا من العدم إلى الوجود. والبرية الخلق، فعيلة بمعنى مفعول، لا يهمز كما لا يهمز ملك وان كان اصله من الالوكة. وقيل البرية مشتقة من البراوة، وهو التراب، فلذلك لم تهمز. وقيل إنه مأخوذ من بريت العود، فلذلك لم يهمز. والبراءة من الشيء: المفارقة والمباعدة عنه: وبرىء الله من الكافر: باعده عن رحمته وانواع الفعل كثيرة: منها الخلق، والانشاء، والارتجاع. والبرء: الفطر. فأما الاحداث، والايجاد والتكوين فكالفعل والجعل: اعم من الفعل، لأنه لما وجد بعد ان لم يكن كقولك: جعلت الطين خزفا. فلم يحدث الخزف في الحقيقة، وانما احدث ما صار خزفاً.

وقوله: { فاقتلوا }

اللغة:

فالقتل والذبح والموت نظائر. وبينها فرق: فالقتل نقض بنية الحياة. والذبح فري الاوداج. والموت عند من اثبته معنى عرض يضاد الحياة. يقال: قتل يقتل قتلا. واقتتلوا اقتتالا. وتقاتلوا تقاتلا. واستقتل استقتالا. وقتل تقتيلا. وقاتله مقاتلة. وقوله تعالى:قاتلهم الله } معناه لعنهم الله. وقوم اقتال: اي هم اهل الوتر، والترة: اي هم اعداء وتراة.

السابقالتالي
2 3 4