الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ وَٰعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَٰلِمُونَ }

القراءاة:

قرأ { واعدنا } بغير الف أهل البصرة، وابو جعفر هنا وفي الاعراف، وطه وقرأ الباقون بالف قبل العين، وقرأ ابن كثير وحفص والبرجمي ورويس { اتخذتم } (واخذتم) وما جاء منه باظهار الذال. ووافقهم الأعشى فيما كان على وزن افتعلت وافتعلتم. الباقون بالادغام. حجة من قرأ باثبات الالف دلالة الله على وعده وقبول موسى لأنه اذا حسن في مثل قوله:أخلفوا الله ما وعدوه } الاخبار كان هنا في الاختيار واعدنا. ومن قرأ بالالف، قال: هو اشد مطابقة للمعنى اذا القبول ليس بوعد في الحقيقة انما هو اخبار الموعود بما يفعل به من خير. وعلى هذا قوله: " اخلفوا الله لما وعدوه " مجاز حقيقة بما اخبروه انهم فاعلوه وقال جماعة من أهل العلم: ان المواعدة في الحقيقة لا تكون إلا من البشر والله تعالى هو المتفرد بالوعد والوعيد. كما قال تعالىوإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين } وقال:وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات } والقراءتان جميعاً صحيحتان قويتان

اللغة:

" وإذ " معطوفة على الآيات المتقدمة: كأنه قال: واذكروا اذ وعدنا وبينا وجه الحسن فيه فالوعد، والعدة، والموعد والميعاد، نظائر. والوعد في الخير والوعيد في الشر يقال وحده: وعدا. واوعده: ايعاداً. وواعده: مواعدة. تواعدوا: تواعداً. واتعدوا: اتعاداً. وتوعدوا ـ في الشر خاصة ـ قال صاحب العين: الوعد والعدة مصدران ويكونان اسمين. فاما العدة فيجمع على العدات والوعد لا يجمع. والموعد: موضع التواعد. وهو الميعاد. ويكون الوعد مصدر وعدته. ويكون الموعد وقتاً للحين. والموعدة اسم العدة. والميعاد: لا يكون إلا وقتاً أو موضوعا. والوعيد من التهدد، أوعدته المكاره ويقال ايضاً: وعدته من الشر كقوله:النار وعدها الله الذين كفروا } ووعد الفحل: اذا هم ان يصول. واصل الباب: الوعد الذي هو الخبر بانه سيفعل بالمخبر به خيراً أو شراً وقال احمد ابن يحيى: تقول أوعدته، وتسكت أو تجيء بالباء تقول: أوعدته بالشر ولا تقول اوعدته الشر.

وموسى اسم مركب من اسمين بالقبطية (فمو) هو الماء و (سى) شجر. وسمي به، لأن التابوت الذي كان فيه موسى وجد عند الماء، والشجر وجدنه جواري آسية امرأة فرعون وقد خرجن ليغتسلن، فسمي بالمكان الذي وجد فيه وهو موسى بن عمران بن يصمر بن فاهث بن لاوي بن يعقوب اسرائيل الله.

المعنى:

وقال: { أربعين ليلة } ولم يقل يوماً على عادة العرب في التاريخ بالليالي، لأن الأهله تطلع فيها. واعتمادهم على الأهلة. وقال الأخفش. وعد باتمام اربعين ليلة، أو انقضاء اربعين ليلة كقولك: اليوم أربعون يوما مذ خرج فلان. واليوم يومان: أي تمام يومين. وقال غيره: الاربعون كلها داخلة في الميعاد. قال ابو العالية: واعدنا موسى اربعين ليلة يعني ذا القعدة وعشراً من ذي الحجة وقال غيره: ذا الحجة وعشراً من المحرم.

السابقالتالي
2 3 4 5