الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ }

هذه الآية عطف على ما تقدم من قوله { اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم } فـ " إذا " ها هنا متعلقة بذلك كأنه قال اذكروا نعمتي عليكم اذ نجيناكم من آل فرعون ونظيرهوإلى ثمود أخاهم صالحاً } لما تقدم ما يدل على { أرسلنا } وهو قوله:لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه } فكأنه قال: وارسلنا إلى ثمود اخاهم صالحاً والخطاب وان كان متوجهاً إلى الحاضرين في الحال، فالمراد به من سلف لهم من الآباء. كما يقول القائل: هزمناكم يوم ذي قار، وقتلناكم يوم الفجار وانما يعني الاسلاف. قال الاخطل يهجو جريراً:
ولقد سما لكم الهذيل قتالكم   باراب حيث يقسَّم الانفالا
وجرير لم يلحق هذيلا

ولا ادرك اراب. وقد بينا ان النعمة على الآباء نعمة على الاولاد، فلا وجه لأعادته.

اللغة:

ومعنى { نجيناكم } فالنجاة، والسلامة، والاسعاد، والتخلص نظائر. وضد النجاة الهلاك تقول: نجا ينجو نجاة. وانجاه الله: إنجاء ونجاه تنجية. وانتجوا انتجاء واستنجى استنجاء، وتناجوا تناجياً. قال صاحب العين: نجا ينجو نجاة في السرعة فهو ناج: اي. سريع وناقة ناجية اي سريعة وتقول نجوت فلاناً اي استنكهته قال الشاعر:
نجوت مجالدا فوجدت منه   كريح الكلب مات حديث عهد
ونجا بنو فلان اذا احدثوا ذنباً او غيره، والاستنجاء: التنظيف بمدرأ وماء. والنجاة هي النجوة من الارض وهي التي لا يعلوها السيل. قال الشاعر:
فمن بنجوته كمن بعقوته   والمستكن من يمشي بقرواح
والنجو: السحاب اول ما ينشا وجمعه نجاء: والنجوة: ما خرج من البطن من ريح وغيرها. والنجو: استطلاق البطن يقال: نجا فلان نجوا والنجو: كلام بين اثنين كالسر والسار. تقول ناجيتهم فتناجوا بينهم، وكذلك انتجوا وهم جميعاً نجوى وكلامهم نجوى، وفلان نجّي فلان اي يناجيه دون غيره، قال الشاعر:
إنى اذا ما القوم كانوا انجيه   واضطرب القوم اضطراب الارشيه
والنجا: ما القيته عن نفسك من ثياب او سلخته عن الشاة تقول: نجوت الجلد انجوه نجا اذا كشطته ونجوت العود اي اقتضبته وقال بعض المفسرين في قوله:فاليوم ننجيك ببدنك } أي نلقيك على نجوة. وأصل الباب: النجوة وهي الارتفاع. والفرق بين النجاة وبين التخلص ان التخلص قد يكون من تعقيد ليس باذى وليس كذلك النجاة، لأنها لا تكون الا من مكروه وكل نجاة: نعمة ولا يقال: لمن لا خوف عليه نجا، لأنه لا يكون ناجياً الا مما يخاف مثله.

قوله { من آل فرعون } فالآل، والأهل، والقرابة، نظائر، وقيل اصل الآل الأهل، لأنه يصغر اهيل: وحكى الكسائي: اويل فزعموا انها ابدلت. كما قالوا: ايهات وهيهات. وكما قالوا ماء واصلها ماه بدليل قولهم مويه في التصغير. وفي الجمع: امواه ومياه. وقيل: لابل أصل على حياله: والفرق بين الآل والأهل ان الأهل اعم منه يقال أهل الكوفة ولا يقال آل الكوفة.

السابقالتالي
2 3 4 5