الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ وَٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ }

اللغة:

الصلاة في أصل اللغة: الدعاء. قال الأعشى:
عليك مثل الذي صليت فاغتمضي   نوماً فان لجنب المرء مضطجعا
أي دعوت. وقال آخر:
وقابلها الريح في دّنها   وصلى على دّنها وارتسم
أي ودعا. وقيل: أصلها: اللزوم. من قول الشاعر:
لم أكن من جناتها علم الله   واني لحرها اليوم صال
أي ملازم لحرها. وكان معنى الصلاة، ملازمة العبادة على الحد الذى أمر الله عز وجل. وقيل: أصلها: الصلا وهو عظم العجز لرفعه في الركوع والسجود من قول الشاعر:
فآب مصلوه بغير جلية   وغودر بالجولان حزم ونائل
اي الذين جاؤوا في صلا السابق. والقول الأول أقرب إلى معنى الصلاة في الشرع. وقد بينا معنى إقامة الصلاة فيما مضى، فلا وجه لاعادته.

وقوله: { وآتوا الزكاة } فالزكاة. والنماء، والزيادة، نظائر في اللغة. ونقيض الزيادة: النقصان. ويقال: زكا، يزكو زكاء. وتزكى، تزكية. قال صاحب العين: الزكاة، زكاة المال، وهو تطهيره. ومنه زكى، يزكي، تزكيةً. والزكاة: زكاة الصلاح تقول: رجل تقي زكي. ورجال أتقياء أزكياء. والزرع زكا زكاء ـ ممدود ـ. وكل شيء يزداد وينمو، فهو يزكو زكاء. وتقول: هذا لا يزكو بفلان أي لا يليق به. قال الشاعر:
المال يزكو بك مستكثراً   يختال قد أشرق للناظر
ومصدر الزكاة: ممدود. ويقال: إن فلاناً لزكا النقد أي حاضره وعتيده. والزكا: الشفع قال الشاعر:
كانوا خساً أو زكاً من دون أربعة   لم يخلقوا وجدود الناس تعتلج
والخسا، الوتر. وأصل الباب: النمو، والزكاة تنمي المال بالبركة التى يجعل الله فيه. وسمي بالزكاة في الشريعة، ما يجب إخراجه من المال، لأنه نماء ما ينقى ويثمر. وقيل: بل مدح لما ينقى، لأنه زكي أي مطهر. كما قال:أقتلت نفساً زكية بغير نفس } أي طاهرة ـ

وقوله: { واركعوا }. فالركوع، والانحناء، والانخفاض نظائر في اللغة. يقال: ركع، ورفع قال الشاعر:
لا تهين الفقير علك أن   تركع يوماً والدهر قد رفعه
قال أبو زيد: الراكع: الذي يكبو على وجهه. ومنه الركوع في الصلاة. قال الشاعر:
وأفلت حاجب فوق العوالي   على شّقاء تركع في الظراب
والركعة: الهوة في الارض ـ لغة يمانية ـ قال صاحب العين: كل شيء ينكب لوجهه، فتمس ركبته الأرض أولا تمس، بعد أن يطأطىء رأسه، فهو راكع. قال الشاعر:
ولكني أنص العيس تدمى   أيا طلها وتركع بالحزون
وقال لبيد:
أخبر أخبار القرون التي مضت   أدب كأني كلما قمت راكع
وقيل: إنه مأخوذ من الخضوع. ذهب اليه المفضل بن سلمة والأصمعي. قال الشاعر:
لا تهين الفقير علك أن   تركع يوماً والدهر قد رفعه
والأول أقوى، لأن هذا مجاز مشبه به.

وقوله: { واركعوا مع الراكعين } إنما خص الركوع بالذكر من أفعال الصلاة، لما قال بعض المفسرين: إن المأمورين هم أهل الكتاب، ولا ركوع في صلاتهم.

السابقالتالي
2