الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ فَتَلَقَّىٰ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَٰتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

قرأ إبن كثير (آدم) بنصب الميم. (كلمات) برفع التاء.

اللغة:

يقال: لقي زيد خيراً فيتعدى الفعل إلى مفعولٍ واحد. ومنه قولهفإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب } وقوله:إذا لقيتم فئةً فاثبتوا } ولقد لقينا من سفرنا هذا نصباً } فاذا ضعفت العين تعدى إلى مفعولين. تقول: لقيّت زيداً خيراً. قال الله تعالى:ولقاهم نضرة وسروراً } وتقول: لقيت بعض متاعك على بعض، فتعديه إلى مفعولٍ واحد لأنه بناء مفرد لا لأنه منقول ليتعدى إلى مفعولين. وتقول: لقيته لقية واحدة في التلاقي واللقيان. ولقيته لقاء ولقياناً ولقاة. وقوله:تحيتهم يوم يلقونه سلامٌ } معناه يلقون ثوابه بخلاف قوله:يلقون غيا } المعنى:

ومعنى { تلقى آدم من ربه كلمات }. تعلمها. يقال: تلقيت هذا من فلان أي قبله فهمي من لفظه. قال أبو عبيدة: قال أبو مهدية: ـ وتلا عليه آيات من القرآن قال: تلقيتها من عمي تلقاها من أبي هريرة، تلقاها من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصل الملاقاة الملاصقة، لكنه كثر حتى قيل: لاقى فلان فلاناً: إذا قاربه، وإن لم يلاصقه. وكذلك تلاقى الجيشان، وتلاقى الفرسان. ويقال: تلاقى الخطان أي تماسا. وتقول: تلقيت الرجل بمعنى استقبلته. وتلقاني: استقبلني. فعلى هذا يجوز في العربية رفع ادم، ونصبه، مع رفع الكلمات. والاختيار قراءة الاكثر، لأن معنى التلقي ها هنا القبول. فكأنه قال: قبل آدم من ربه كلمات. وانما جاز نصب آدم، لأن الأفعال المتعدية إلى المفعول به على ثلاثة اقسام: احدها يجوز ان يكون الفاعل له مفعولا به والمفعول به فاعلا. نحو اكرم بشرٌ بشراً وشتم زيد عمراً

[ثانيها] ومنها لا يكون المفعول به فاعلا، نحو: أكلت الخبز، وسرقت درهماً، وأعطيت ديناراً، وأمكنني الغرض.

[وثالثها] ما يكون أسناده إلى الفاعل في المعنى كاسناد إلى المفعول، نحو: أصبت ونلت، وتلقيت. تقول: نالني خيرٌ، ونلت خيراً، وأصابني خيرٌ، وأصبت خيراً. ولقيني زيدٌ، ولقيت زيداً. وتلقاني، وتلقيته. وقال تعالى:وقد بلغني الكبر } وقال:وقد بلغت من الكبر عتيا } فعلى هذا الرفع والنصب في المعنى واحد في الآية. وإنما اجيز رفع آدم، لأن عليه الأكثر وشواهده اكثر. كقولهتلقونه بألسنتكم } واسند الفعل إلى المخاطبين والمفعول به كلام متلقى. كما أن الذي تلقى آدم كلام متلقى وكما اسند الفعل إلى المخاطبين. فجعل التلقي لهم كذلك يلزم ان يسند الفعل إلى آدم، فيجعل التلقي له دون الكلمات. واما على ما قال ابوعبيدة معناه قبل الكلمات، فالكلمات مقبولة، فلا يجوز غير الرفع في آدم. ومثل هذا في جواز اضافته تارة إلى الفاعل، واخرى إلى المفعول. كقوله:لا ينال عهدى الظالمين } وفي قراءة ابن مسعود: { لا ينال عهدي الظالمون } والكلمات جمع كلمة. والكلمة: اسم جنس لوقوعه على الكثير والقليل.

السابقالتالي
2 3 4 5