الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ }

القراءة

: قرأ حمزة وحده " وأزالهما " بألف وتخفيف اللام. الباقون بتشديد اللام وحذف الألف.

اللغة:

الزلة والمعصية والخطيئة والسيئة بمعنى واحد وضد الخطيئة الاصابة ويقال: زل زلة، وأزله إزلالا، واستزله استزلالا وقال صاحب العين: زل السهم عن النزع زليلا وزل فلان عن الصخر زليلا فاذا زلت قدمه، قلت: زل زلا فاذا زل في مقالة أو خطبة، قلت: زل زلة. قال الشاعر:
هلا على غيري جعلت الزلة   
وأزله الشيطان عن الحق: إذ أزاله. والمزلة: المكان الدحض. والمزلة: الزلل في الدحض. والزلل: مثل الزلة في الخطأ. والازلال: الانعام وفي الحديث: " من أزلت إليه نعمة فليشكرها " بمعنى أسديت. قال كثير:
وإني ـ وإن صدت ـ لمثن وصادق   عليها بما كانت إلينا أزلت
ويقال: أزللت إلى فلان نعمة، فأنا أزلها إزلالا. فالأصل في ذلك الزوال. والزلة: زوال عن الحق.

ومعنى " أزالهما ": نحاهما. من قولك: زلت عن المكان: اذا تنحيت منه. والوجه ما عليه القراء لأن هذا يؤدي إلى التكرار، لأنه قال بعد ذلك { فأخرجهما } فيصير تقدير الكلام: فأخرجهما الشيطان عنها فأخرجهما. وذلك لا يجوز. ويحسن أن يقول: استزلهما فأخرجهما. ومن قرأ: " أزالهما " ، أراد المقابلة بين قوله: " أزالهما " وبين قوله: { اسكن } ، لأن معناه: اسكن واثبت انت وزوجك. وتقديره: اثبتا، فأراد أن يقابل ذلك فقال: " فأزالهما " فقابل الزوال بالثبات وإنما نسب الازلال والاخراج إلى الشيطان لما وقع ذلك بدعائه ووسوسته وإعوائه. ولم يكن إخراجهما من الجنة على وجه العقوبة، لأنا قد بينا أن الأنبياء لا يجوز عليهم القبائح على حال ومن أجاز عليهم العقاب، فقد أعظم الفرية وقبح الذكر على الأنبياء. وإنما أخرجهم من الجنة، لأنه تغيرت المصلحة لما تناول من الشجرة، واقتضى التدبير والحكمة تكليفه في الأرض وسلبه ما ألبسه الله (تعالى) من لباس الجنة. وقال قوم: إن إلباس الله له ثياب الجنة كان تفضلا. وللمتفضل أن يمنع ذلك تشديداً للمحنة. كما يفقر بعد الغنى، ويميت بعد الاحياء، ويسقم بعد الصحة.

فان قيل: كيف وصل إبليس إلى آدم حتى أغواه ووسوس اليه. وآدم كان في الجنة، وابليس قد أخرج منها حين تأبي من السجود؟ قيل: عن ذلك أجوبة: أحدها ـ ان آدم كان يخرج إلى باب الجنة، وابليس لم يكن ممنوعاً من الدنو منه، وكان يكلمه ويغويه.

[الثاني] ـ وقال آخرون: انه كلمهما من الأرض بكلام فهماه منه وعرفاه.

[والثالث] ـ قال قوم: إنه دخل في فقم الحية، وخاطبها من فقمها. والفقم: جانب الشدق.

[والرابع] ـ قال قوم: راسلهما بالخطاب. وظاهر الكلام يدل على أنه شافههما بالخطاب.

[والخامس] ـ وقال قوم: يجوز أن يكون قرب من السماء فكلمهما.

السابقالتالي
2 3