الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَٰفِرِينَ }

القراءة:

ضم التاء من الملائكة ابو جعفر وحده وحيث وقع اتبع التاء ضمة الجيم. وقيل: انه نقل ضمة الهمزة وابتدا بها والأول اقوى، لأن الهمزة الف وصل تسقط في الدرج فلا يبقى فيها حركة تنقل فالوجه الاول هو المعتمد عليه والصحيح ما عليه القراء من كسر التاء بلام الجر

و { إبليس } نصب بالاستثناء من الاثبات

ويكره الوقف على قوله: { فسجدوا } وعلى { إلا } حتى يقول: { إلا إبليس } وكذلك كل استثناء

وظاهر الآية يقتضي ان الأمر كان لجميع الملائكة بالسجود، لعمومها. وقال قوم: إن الامر كان خاصاً بطائفة من الملائكة كانوا مع ابليس طهر الله بهم الارض من الجن والأول اقوى

اللغة:

والسجود والخضوع والتذلل بمعنى واحد في اللغة. ونقيض التذلل التكبر يقال سجد يسجد سجودا، واسجد اسجادا: إذا خفض رأسه من غير وضع لجبهته. قال الشاعر:
وكلتاهما خرت واسجد رأسها   كما سجدت نصرانة لم تحنف
والسجود في الشرع: عبارة عن عمل مخصوص في الصلاة ـ والركوع والقنوت كذلك ـ وهو وضع الجبهة على الأرض. ويقال سجدنا لله سجوداً. وقوم سجد ونساء سجد. والسجد من النساء: الفاترات الأعين قال الشاعر:
أغرك مني ان ذلك عندنا   واسجاد عينيك الصيودين رابح
وعزائم السجود من ذلك. وقوله: { وإن المساجد لله } قيل: إنه السجود وقيل: إنه المواضع من الجسد التي يسجد عليها. واحدها مسجد والمسجد اسم جامع لجميع المسجد وحيث لا يسجد بعد ان يكون أخذ لذلك. فاما المسجد من الارض فهو موضع السجود بعينه. وقال قوم: معنى السجود في اصل اللغة: الخضوع والانحناء، وقيل التذلل. قال الشاعر:
بجمع يقل البلق في حجراته   ترى الاكم فيه سجداً للحوافر
كأنه قال مذللة للحوافر. والسجود على اربعة اقسام: سجدة الصلاة وسجدة التلاوة، وسجدة الشكر وسجدة السهو. وقوله: { أبى } معناه ترك وامتنع. والاباء والامتناع والترك بمعنى (واحد) ونقيض أبى أجاب. يقال أبى يأبى إباء. وتأبى تأبيا. قال صاحب العين: أبى يأبى إباه إذا ترك الطاعة ومال إلى المعصية. كقوله: { فكذب وأبى } وكل من ترك أمراً ورده فقد أباه. ورجل أبي وقوم أبيون وأباة قال الشاعر:
اباة الضيم من قوم اباة   
وليس الاباء بمعنى الكراهة، لأن العرب تتمدح بأنها تأبى الضيم ولا تتمدح في كراهة الضيم، وانما المدح في المنع منه. كقوله: { ويأبى الله إلا أن يتم نوره } أي يمنع الكافرين من اطفاء نوره.

والاستكبار والتكبر، والتعظم والتجبر نظائر. وضدها التواضع. يقال كبر كبراً، وأكبر اكباراً، واستكبر استكباراً، وتكبر تكبراً، وتكابر تكابراً وكابره مكابرة، وكبره تكبرا قال صاحب العين: الكبر: العظمة. والكبر والكبر: الاثم الكبير جعل اسما من الكبيرة. كالخطيئة والخطىء. وكبر كل شيء معظمه. والكبر مصدر الكبير في السن من جميع الحيوان.

السابقالتالي
2 3 4 5