الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلَٰئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ إِن كُنْتُمْ صَٰدِقِينَ }

روي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: " خلق الله آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، ـ وقيل قبضها ملك الموت ـ فجاء بنو آدم على قدر ذلك: منهم الاسود والأحمر، والابيض، والسهل، والحزن، والخبيث، والطيب ".

اللغة:

وقال ابو العباس: في اشتقاق آدم قولان:

أحدهما ـ انه مأخوذ من أديم الارض. قال: فاذا سميت به في هذا الوجه ثم نكرته؛ صرفته.

والثاني ـ انه مأخوذ من الادمة على معنى اللون والصفة، فاذا سميت به في هذا الوجه، ثم نكرته، لم تصرفه.

والأدمة والسمرة، والدكنة والورقة متقاربة المعنى في اللغة. وقال صاحب العين الأدمة في الناس: شربة من سواد. وفي الابل والظباء: بياض. وادمة الارض: وجهها. والمؤدم من الجلد خلاف المبشر وأدما أنثى. وآدم ذكر وهي الأدم في الجماعة. وآدم أبو البشر. والأدم: ما يؤتدم به وهو الادام. والأدم: جماعة الأديم. وأديم كل شيء: وجهه. و (كل) لفظة عموم على وجه الاستيعاب. وقال الرماني: حدّه الاحاطة بالابعاض، يقال: أبعض القوم جاءك أم كلهم؟ وتكون تأكيداً مثل أجمعين. غير أنه يبتدأ في الكلام بكل، كقوله تعالى:فسجد الملائكة كلهم أجمعون } لأن كلا قد يلي العوامل ويبتدأ واجمعون لا تكون إلا تابعة.

ويقال عرض عرضاً. قال صاحب العين: عرض علينا فلان المتاع يعرض عرضاً للشراء او الهبه وقال الزجاج: العرض أصله في اللغة: الناحية من نواحي الشيء فمن ذلك العرض خلاف الطول. وعِرض الرجل. قال بعضهم: ما يمدح به أو يذم وقيل عِرضه: خليقته المحمودة. وقيل عِرضه: حسبه. وقال الرماني: هي ناحيته التي يصونها عن المكروه وحقيقة العرض: الاظهار للشيء ليتصفح

والانباء والاعلام والاخبار واحد. قال صاحب العين: النبأ ـ مهموز ـ هو الخبر المنبىء والمخبر ولفلان نبأ أي خبر ويقال: نبأته وأنبأته واستنبأته والجمع الانباء. والنبوة اذا أخذت من الانباء فهي مهموزة لكن روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: لا تنبز باسمي، لرجل قال له: يا نبيء الله. والنبيء ـ بالهمز ـ: الطريق الواضح، يأخذ بك إلى حيث تريد. والنبأة: صوت الكلاب تنبأ به نبأ. وحقيقة الانباء: الاظهار للخبر. قال الشاعر:
أدان وانبأه الأولون   بأن المدان ملي وفي
والفرق بين الاخبار والاعلام أن الاعلام قد يكون بخلق العلم الضروري في القلب كما خلق الله من كمال العقل والعلم بالمشاهدات. وقد يكون بنصب الادلة للشيء. والاخبار هو إظهار الخبر، علم به أو لم يعلم. ولا يكون مخبراً بما يحدثه من العلم في القلب. كما يكون معلماً بذلك.

وقوله: { ثم عرضهم على الملائكة } إنما لم يقل: ثم عرضها، اذ كانت الاسماء لا تعقل، لأنه أراد أصحاب الاسماء وفيهم ما لا يعقل.

السابقالتالي
2 3 4