الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَٰواْ وَيُرْبِي ٱلصَّدَقَٰتِ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ }

اللغة:

المحق: نقصان الشيء حالا بعد حال. محقه الله يمحقه محقاً، فانمحق وامتحق أي هلك وتلف بذهابه حالا بعد حال. والمحاق آخر الشهر لا محاق الهلال فيه. والشيء محيق بمعنى ممحوق وأصل الباب المحق فان قيل بأي شيء { يمحق الله الربا ويربي الصدقات }؟ قلنا: يمحقه بأن ينقصه حالا بعد حال. وقال البلخي محقه في الدنيا بسقوط عدالته والحكم بفسقه وتسميته بالفسق.

المعنى:

وقوله { ويربي الصدقات } معناه يزيدها بما يثمر المال في نفسه وبالاجر عليه وذلك بحسب الانتفاع بها وحسن النية فيها ووجه زيادته على المستحق بالعمل تفصل بالوعد به وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الله يقبل الصدقة، ولا يقبل منها إلا الطيب ويربيها لصاحبها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله حتى أن اللقمة لتصير مثل أحد، وذلك قوله: { يمحق الله الربا ويربي الصدقات } وقوله: { والله لا يحب كل كفار أثيم } إنما لم يقل كل كافر مع دخول الكفار في الكافر لأن كل كفار كافر وليس كل كافر كفار للدلالة على أن مستحل الربا في قوله { إنما البيع مثل الربا } مع أنه كافر كفار، ويجوز للدلالة على صفات الذم إذ قد يتوهم أن الكفار من استكثر من كفر نعمة إنسان لا يبلغ به استحقاق العقاب ويجوز أن يكون من باب الاختصاص لعظم المنزلة في الأمر الذي تعلق به الذكر { والأثيم } هو المتمادي في الاثم. والآثم: الفاعل للاثم وإنما قال لا يحبه ولم يقل يبغضه لأنه إذا لم يحب المكلف فهو يبغضه فقولك لا يحبه الله من صفات الذم كما أن قولك لم ينصف في المعاملة من صفات الذم.