الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْعَظِيمُ }

الاعراب:

{ الله } رفع بالابتداء { ولا إله إلا هو الحي القيوم } خبره. والكلام مخرجه مخرج النفي أن يصح إله سوى الله. وحقيقة الاثبات الا له واحد هو الله. كأنه قيل الله الا له دون غيره. وارتفع هو في لا إله إلا هو على أحد وجهين:

أحدهما - بالابتداء كأنه قال ما إله إلا الله.

والثاني - أن يكون بدلا كأنه قال ما إله ثابتاً إلا الله. ويجوز في العرببة لا إله إلا الله بالنصب على الاستثناء. وفيه دلالة على الامر باخلاص العبادة لله تعالى.

اللغة، والمعنى

والحي هو من كان على صفة لا يستحيل معها كونه عالماً قادراً، وان شئت قلت: هو من كان على صفة يجب لأجلها أن يدرك المدركات، إذا وجدت. والقيوم أصله قيووم على وزن فيعول. إلا أن الياء الساكنة إذا كانت بعدها واو متحركة قلبت ياء وأدغمت فيها قياساً مطرداً. والقيام أصله قيوام على وزن فيعال.

وقيل في معنى القيوم، أربعة أقوال:

أحدها - قال الحسن إنه القائم على كل نفس بما كسبت حتى يجازيها بعملها من حيث هو عالم لا يخفى عليه شىء منه.

الثاني - قال سعيد بن جبير: إن معناه الدائم الوجود.

الثالث - قال قتادة: معناه: القائم بتدبير خلقه.

الرابع - قال قوم: إن معناه العالم بالامور من قولهم: فلان قيوم هذا الكتاب أي هو عالم به. وكل هذه الوجوه تحتمل. وقال أمية بن أبي الصلت:
لم تخلق السماء والنجوم   والشمس معها قمر يقوم
قدره المهيمن القيوم   والحشر والجنة والجحيم
إلا لأمر شأنه عظيم   
وقوله: { لا تأخذه سنة ولا نوم } فالسنة النوم بلا خلاف قال عدي ابن الرقاع:
وسنان أقصده النعاس فرنقت   في عينه سنة وليس بنائم
فالسنة الثقلة من النعاس، تقول: وسن فلان وسناً إذا أخذته سنة النعاس، وقد علته وسنة، ورجل وسنان ووسن، وامرأة وسنانة، ووسنى، وأصل الباب: النعاس. والنوم الاستثقال في النوم، تقول نام ينام نوماً وأنامه إنامة، ونومه تنويماً وتناوم تناوماً، واستنام إليه: إذا استانس إليه، واطمأن الى ناحيته، لأن حاله معه كحالة النائم في المكان أنساً به وأصل الباب النوم خلاف اليقظة.

وقوله: { ما في السماوات وما في الأرض } معناه أن أحداً ممن له شفاعة لا يشفع إلا بعد أن يأذن الله له في ذلك ويأمره به، فأما أن يبتدىء أحد بالشفاعة من غير إذن، كما يكون فيما بيننا، فليس ذلك لأحد.

وقوله: { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم } قال: ابن جريج ومجاهد والسدي: معناه ما مضى من الدنيا وما خلفهم من الآخرة.

وقوله: { ولا يحيطون بشيء من علمه } معناه من علومه، كقول القائل: أللهم اغفر لنا علمك فينا، فاذا ظهرت آية يقولون قدرة الله أي مقدور الله وقوله: { وسع كرسيه } قال ابن عباس كرسيه: علمه وهو المروي عن أبي جعفر، وأبي عبد الله (ع).

السابقالتالي
2 3