الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَبَشِّرِ ٱلَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـٰذَا ٱلَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَٰبِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ }

اللغة:

البشارة: هو الاخبار بما يسر المخبر به إذا كان سابقاً لكل خبر سواه، لأن الثاني لا يسمى بشارة وقد قيل: إن الاخبار بما يغم ايضاً يسمى بشارة. كما قال تعالى:فبشرهم بعذاب أليم } والاولى أن يكون ذلك مجازاً. وهي مأخوذة من البشرة: وهي ظاهر الجلد لتغييرها بأول الخبر. ومنه تباشير الصبح: أوله، وكذلك تباشير كل شيء. المبشرات: الرياح التي تجيء لسحاب. والبشر: الانسان والبشرة: أعلى جلدة الجسد، والوجه من الانسان.

والمباشرة: ملاصقة البشرة. والبشر: قشر الجلد.

والجنان: جمع جنة، والجنة: البستان. والمراد بذكر الجنة ما في الجنة من اشجارها واثمارها، وغروسها دون أرضها، فلذلك قال: { تجري من تحتها الأنهار } لأنه معلوم انه اراد الخبر عن ماء انهارها انه جار تحت الاشجار والغروس والثمار لا انه جار تحت ارضها، لأن الماء اذا كان تحت الارض جاريا، فلا حظ فيه للعيون إلا بكشف الساتر بينه وبينها، على ان الذي يوصف به انهار الجنة انها جارية في غير اخاديد. روي ذلك عن مسروق، رواه عنه ابو عبيدة وغيره.

الاعراب:

و { جنات }: منصوب بان. وكسرت التاء لأنها تاء التأنيث في جمع السلامة وهي مكسورة في حال النصب بالخفض. وموضع { أن } نصب بقوله: { وبشر الذين } وقال الخليل والكسائي: موضعة الجر بالباء كأنه قال: وبشرهم بأن لهم.

المعنى:

وقال الفضل: الجنة: كل بستان فيه نخل، وإن لم يكن شجر غيره. وإن كان فيه كرم: فهو فردوس، كان فيه شجر غير الكرم ام لم يكن

{ من ثمرة }: من زائدة والمعنى: كلما رزقو ثمرة. { ومنها }: يعني من الجنات والمعنى: أشجارها وتقديرها: كلما رزقوا من اشجار البساتين التي اعدها الله للمؤمنين وقال الرماني: هي بمعنى التبعيض، لأنهم يرزقون بعض الثمرات في كل وقت ويجوز ان تكون بمعنى تبيين الصفة وهو ان يبين الرزق من اي جنس هو

وقوله: { هذا الذي رزقنا من قبل } روي عن ابن عباس، وابن مسعود وجماعة من الصحابة انه الذي رزقنا في الدنيا وقال مجاهد: معناه اشبهه به. وقال بعضهم: إن ثمار الجنة أذا جنيت من اشجارها، عاد مكانها فاذا رأوا ما عاد بعد الذي جني، اشتبه عليهم. فقالوا: هذا الذي رزقنا من قبل. وهذا قول أبي عبيدة، ويحيى بن أبي كثير. وقال قوم: هذا الذي رزقنا، وعدنا به في الدنيا وقد بينا فيما تقدم، أن الرزق عبارة عما يصح الانتفاع به على وجه لا يكون لأحد المنع منه. وقال المفضل ذلك يخص الاقوات. وقال قوم: هذا الذي رزقنا من قبل لمشابهته في اللون وإن خالفه في الطعم. واقوى الأقوال قول ابن عباس وأن معناه هذا الذي رزقنا في الدنيا، لأنه قال: { كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا من قبل } فعم ولم يخص.

السابقالتالي
2