الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلتَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ }

المعنى:

قال الحسن: وجه الآية في التابوت أن الملائكة كانت تحمله بين السماء والارض يرونه عياناً وقال ابن عباس ووهب: إن الله انتزعه من أيدي أعدائهم الذين نهبوه منهم، فردّ عليهم { تحمله الملائكة } وقيل: إن التابوت كان في أيدي أعداء بني إسرائيل من العمالقة الذين غلبوهم عليه - على قول ابن عباس، ووهب -, وروي ذلك عن أبي عبد الله (ع). وقال قتادة: كان في برية التيه: خلفه هناك يوشع ابن نون. وقال وهب بن منبه: كان قدر التابوت نحواً من ثلاث أذرع في ذراعين. وروي عن علي (ع). أنه قال: السكينة التي كانت فيه ريح هفافة لها وجه كوجه الانسان. وقال مجاهد لها رأس كرأس الهرة، وروي ذلك في أخبارنا. وقال وهب: روح من الله تكلمهم بالبيان عند وقوع الاختلاف. وقال عطا: كان فيه آية يسكنون إليها.

والسكينة مصدر وقع موقع الاسم نحو القضية والبقية والعزيمة وأخذ من معنى السكون لأن نفوسهم تسكن إليه والبقية التي ترك آل موسى، وآل هارون. قال ابن عباس، وقتادة، والسدي: إنها عصا موسى ورصاص للالواح، وهو المروي عن أبي جعفر. وقال أبو جعفر التابوت هو الذي وضعت أم موسى فيه موسى حين ألقتة في اليم. وأقوى هذه الأقوال أن يحمل على أنه كان فيه ما يسكنون إليه، ويجوز أن يكون ذلك عصا موسى والرصاص، وغير ذلك مما اختلفوا فيه بعد أن يكون فيه ما تسكن النفس إليه، لأنه تعالى بين أن فيه سكينة، وهي فعيلة من السكون، ولا يقطع بشيء من ذلك إلا بدليل يوجب العلم. وقال الحسن: كان فيه التوراة وشيء من ثياب موسى.

اللغة:

وفي التابوت لغتان فلغة جميع العرب إلا الأنصار: التابوت بالتاء. والانصار تقول: التابوه بالهاء. ويقال: بقي بقاء وأبقاه إبقاء واستبقاه استبقاء وتبقاء تبقياً وتباقى تباقياً وباقاه مباقاة. ومنه بقايا الخراج. وأصل الباب البقاء: خلاف الفناء. وقوله: { تحمله الملائكة } تقول: حمل يحمل حملا واحتمل احتمالا وتحامل تحاملا. وتحملّ تحملا وحمله تحميلا وحامله محاملة. وانحمل انحمالا واستحمل استحمالا. والحمل من الضّان: الخروف. والحمل: السحاب الكثير الماء. والحمل: ما في البطن. والحمل: ما على الظهر. والحمالة علاّقة السيف. والمحمل: الذي يوكبه الناس والحمالة الدية، يتحملها قوم عن قوم والحميل: الكفيل، والحميل الغريب لأنه يحمل على القوم وليس منهم. وحميل السيل: غثاؤه. وامرأة حامل: حبلى لحملها الولد. وحملت فلاناً على فلان: إذا حرشته عليه، لأنك حملته على مكروهه. والحمولة الابل لأنها يحمل عليها الأثقال. وأصل الباب الحمل: كون الشىء على الشىء وقوله: { إن كنتم مؤمنين } معناه إن كنتم مصدقين ولا يجوز أن يكونوا على تثبيت الايمان لهم، لأنهم كفروا حين ردّوا على نبيهم. وقيل: إن كنتم مؤمنين كما تزعمون.