الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ ٱلنِّسَآءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِيۤ أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَـٰكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَلاَ تَعْزِمُوۤاْ عُقْدَةَ ٱلنِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْكِتَابُ أَجَلَهُ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ فَٱحْذَرُوهُ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }

المعنى:

قال ابن عباس: التعريض المباح في العدة هو قول الرجل: أريد التزويج، وأحب امرأة من حالها، ومن أمرها، وشأنها، فيذكر بعض الصفة التي هي عليها، هذا قول ابن عباس. وقال القاسم بن محمد، وعامر تقول: إنك لنافقة، وإنك لعجبة جميلة، وإن قضى الله شيئاً كان.

اللغة:

والخطبة: الذكر الذي يستدعي به الى عقدة النكاح، والخطبة: الوعظ المنسق على ضرب من التأليف. وقيل الخطبة: ماله أوّل، وآخر، مثل الرسالة. والخطبة للحال نحو الجلسة، والعقدة، تقول: خطب المرأة يخطبها خطبة، لأنه خاطب في عقد النكاح. وخطب خطبة، لأنه خاطب بالزجر، والوعظ على ضرب من تأليف اللفظ المخصوص. وخاطب مخاطبة، وخطاباً، وتخاطبوا تخاطباً. والخطب: الأمر العظيم. والخطبان: الحنظل الذي تشتدّ خضرته حتى تستحيل الى الغبرة، والصفرة. وأصل الباب الخطاب.

والفرق بين التعريض، والكناية أن التعريض: تضمين الكلام دلالة على شيء ليس فيه ذكر له، والكناية: العدول عن الذكر الأخص بالشيء الى ذكر يدل عليه, فالأول كقول القائل: ما أقبح البخل، يعرض بأن المخاطب بخيل، ولعن الله الملحدين، يعرض له بالالحاد. والثاني كقولك: زيد ضربته، كنيت عنه بالهاء الموجودة في (ضربته).

وقوله: { أو أكننتم في أنفسكم } فالاكنان: إسرار العزم على النكاح دون إظهاره على قول ابن زيد، ومجاهد. وقال قوم: هو معنى التعريض بالخطبة إن شئت أظهرته، وان شئت أضمرته. وتقول: كننت الشيء: إذا سترته، أكنه كنّاً وكنوناً وأكننته إكناناً إذا أضمرته، لأنك سترته في نفسك. واستكن الرجل، وأكنن إذا صار في كن، لأنه صار فيما يستره. والكناية الجعبة غير أنها صغيرة تتخذ للنبل. والكة: امرأة الابن أو ابن الاخ. والجمع كنائن. وسمي الكانون كانوناً، لأنه يحتاج إليه في وقت الاكتنان من البرد، ومنه قوله:كأنهن بيض مكنون } وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون } وأصل الباب الكنّ: الستر.

والفرق بين الاكنان والكن: أن الاكنان: الاضمار في النفس، ولا يقال كننته في نفسي. وقيل: كننته معناه صنته كما قال: { كأنهن بيض مكنون }.

المعنى:

وقوله: { لا تواعدوهن سراً } قال الحسن، وإبراهيم، وأبومجيلة: السرّ المنهي عنه ها هنا الزنا. وقال ابن عباس، وسعيد بن جبير، والشعبي: هو العهد على الامتناع من تزويج غيرك. وقال مجاهد: هو أن تقول لها لا تفوتيني بنفسك، فاني ناكحك. وقال ابن زيد: هو اسرار عقدة النكاح في العدة.

اللغة:

والسرّ في اللغة على ثلاثة أوجه: الاخفاء في النفس، والشرف في الحسب، يقال: فلان في سرّ قومه إذا كان في شرفهم، وصميمهم. والجماع في الفرج قال الشاعر:
ألا زعمت بسباسة اليوم أنني   كبرت وألا يشهد السر أمثالي
وقال رؤبة:
فعفّ عن أسرارها بعد العسق   ولم يضعها بين فرك وعشق

السابقالتالي
2