الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ وَعلَى ٱلْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى ٱلْوَارِثِ مِثْلُ ذٰلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

القراءة:

قرأ ابن كثير، وأهل البصرة، وقتيبة: { لا تضار } - بتشديد الراء - ورفعها. وقرأ أبو جعفر بتخفيفها وسكون. الباقون بتشديدها وفتحها. وقرأ ابن كثير { ما آتيتم } قصرا، وكذلكما آتيتم من رباً } في الروم.

قوله: { يرضعن أولادهن حولين كاملين } في حكم الله الذي أوجبه على عباده, فحذف للدلالة عليه.

الثاني - لأنه وقع موقع يرضعن، صرفا في الكلام مع رفع الاشكال. ولو كان خبراً لكان كذباً، لوجود والوالدات يرضعن أولادهن أكثر من حولين، وأقل منهما.

وفي الآية بيان لأمرين: أحدهما مندوب، والثاني فرض، فالمندوب: هو أن يجعل الرضاع تمام الحولين، هي التي تستحق المرضعة الأجر فيهما، ولا تستحق فيما زاد عليهما، وهو الذي بينه الله تعالى بقوله:فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } فتثبت المدة التي تستحق بها الأجرة على ما أوجبه الله في هذه الآية.

اللغة:

تقول: رُضع يرضَع، ورضِع يرضع رضاعة، وأرضعته أمه إرضاعاً، وارتضاعاً، واسترضع استرضاعاً، وراضعه رضاعاً، ومراضعة. ولئيم راضع، لأنه يرضع لبن ناقته من لؤمه، لألاّ يسمع الضيف صوت الشخب. والرضعتان: الثنيتان: مقدمتا الاسنان، لأنه يشرب عليهما اللبن. وأصل الباب الرضع: مصّ الثدي، لشرب اللبن منه. ومعنى { حولين } سنتان، وهو مأخوذ من الانقلاب في قولك: حال الشيء عما كان عليه يحول، فالحول، لأنه انقلب عن الوقت الأول الى الثاني، ومنه الاستحالة في الكلام، لأنقلابه عن الصواب. وقيل أخذ من الانتقال من قولك: تحول عن المكان. وإنما قال: { كاملين } فان كانت التثنية تأتي على استيفاء العدة، لرفع التوهم، وإنه على طريقة التغليب، كقولهم: سرنا يوم الجمعة. وإن كان السير في بعضه. وقد يقال: أقمنا حولين، وإن كانت الاقامة في حولين، وبعض آخر فهو لرفع الايهام الذي يعرض في الكلام.

المعنى:

فان قيل: هل يلزم في كل مولود قيل: فيه خلاف: قال ابن عباس: لا، لأنه يعتبر ذلك بقوله:وحمله وفصاله ثلاثون شهراً } فان ولدت المرأة لستة أشهر، فحولين كاملين، وإن ولدت لسبعة أشهر، فثلاثة وعشرون شهراً، وإن ولدت لتسعة أشهر، فاحد وعشرين شهراً تطلب بذلك التكملة لثلاثين شهراً في الحمل والفصال الذي سقط به الفرض، وعلى هذا تدل أخبارنا، لأنهم رووا: أن ما نقص عن إحدى وعشرين شهراً فهو جور على الصبي. وقال الثوري: هو لازم في كل ولد إذا اختلف والداه، رجعا الى الحولين من غير نقصان، ولا زيادة، ولا يجوز لهما غير ذلك، والرضاع بعد الحولين لا حكم له في التحريم - عندنا - وبه قال ابن مسعود وابن عباس وابن عمرو وأكثر العلماء، وروي عن عائشة أن رضاع الكثير يؤثر. وقال أبو علي الجبائي لم يقم بهذا حجة ولا نزل له ظاهر القرآن.

السابقالتالي
2 3 4