الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَٰنٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ }

القراءة:

قرأ حمزة، وأبو جعفر { إلا أن يخافا } بضم الياء، والباقون بفتحها.

المعنى:

قيل في معنى قوله: { الطلاق مرتان } قولان:

أحدهما - ما قال ابن عباس، ومجاهد: إن معناه البيان عن تفصيل الطلاق في السنة، وهو أنه إذا أراد طلاقها فينبغي أن يطلقها في طهر لم يقربها فيه بجماع، تطليقة واحدة، ثم يتركها حتى تخرج من العدة، أو حتى تحيض وتطهر، ثم يطلقها ثانية.

والثاني - ما قاله عروة، وقتادة: إن معناه البيان عن عدد الطلاق الذي يوجب البينونة، مما لا يوجبها. وفي الآية بيان أنه ليس بعد التطليقتين إلا الفرقة البائنة. وقال الزجاج: في الآية حذف، لأن التقدير: الطلاق الذي يملك فيه الرجعة مرتان، بدلالة قوله: { فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان }. والمرتان معناه: دفعتان.

اللغة:

وتقول مرَّ يمر مراً واستمر استمراراً، وأمرّه إمراراً وتمرّر تمرراً، ومرّره تمريراً. والمر: خلاف الحلو، ومنه المرارة، لأن فيها المرة. والمرة مزاج من أمزجة البدن. والمرة شدة الفتل، لاستمراره على إحكام. والمرير: الحبل المفتول. وفي التنزيلذو مرة فاستوى } أي ذو قوة وشدة. والمرّ الذي يعمل به في الطين وأصل الباب المرور: خلاف الوقوف.

وقوله { فإمساك بمعروف } رفع، ومعناه: فالواجب إمساك عليه، وكان يجوز النصب على فليمسك إمساكا، والامساك خلاف الاطلاق. تقول أمسك إمساكاً، وتمسك تمسكاً، وتماسك تماسكاً، وامتسك امتساكاً، ومسك تمسيكاً، واستمسك استمساكاً. وفلان ممسك: أي بخيل، وما بفلان مُسكة، ولا تمساك: إذا لم يكن فيه خير، لأنه منحل عن ضبط شيء من أموره. والمسك: الاهاب، لأنه يمسك البدن باحتوائه عليه. والمسك السواء، وسمي باستمساكه في اليد.

المعنى:

وقوله: { معروف } أي على وجه جميل سائغ في الشرع لا على وجه الاضرار بهن.

وقوله: { أو تسريح بإحسان } قيل فيه قولان:

أحدهما - أنها الطلقة الثالثة، وروي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أن رجلاً سأله، فقال: الطلاق مرتان فأين الثالثة؟ فأجابه: أو تسريح باحسان. وقال السدي، والضحاك: هو ترك المعتدة حتى تبين بانقضاء العدة، وهو المروي عن أبي جعفر، وأبي عبد الله (ع).

اللغة:

والتسريح مأخوذ من السرح. وهو الانطلاق. تقول: سرح تسريحاً، وسرّح الماشية في الرعي سرحاً: إذا أطلقها ترعى: والسرحان: الذئب، لاتباعه السرح. والسرحة: الشجرة المرتفعة، لانطلاقها في جهة الطول. والمسرّح: المشط، لاطلاق الشعر به. وسرحت الماشية: إذا انطلقت في المرعى. وسرحت العبد إذا أعتقته. والسرح: الجراد، لانطلاقه في البلاد، والسريحة: القطعة من القد يشد بها نقال الابل، وكل شيء قددته مستطيلا، فهو سريح.

النزول:

وروي أن هذه الآية نزلت في ثابت بن قيس، وزوجته، وردت عليه حديقته، وطلقها باذن النبي (صلى الله عليه وسلم) رواه ابن جريج.

السابقالتالي
2 3 4