الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنْ عَزَمُواْ ٱلطَّلاَقَ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

المعنى:

عزيمة الطلاق في الحكم - عندنا - أن يعزم، ثم يتلفظ بالطلاق، ومتى لم يتلفظ بالطلاق بعد مضي أربعة أشهر، فان المرأة لا تبين منه إلا أن تستدعي، فان استدعت، ضرب الحاكم مدة أربعة أشهر ثم توقف بعد أربعة أشهر، فيقال له: فيء أو طلق، فان لم يفعل، حبسه حتى يطلق، ومثل هذا قال أهل المدينة غير أنهم قالوا: متى امتنع من الطلاق والفيأة، طلق عنه الحاكم طلقة رجعية. وقال أهل العراق: الايلاء: أن يحلف ألاّ يجامعها أربعة أشهر فصاعداً، فاذا مضت أربعة أشهر فلم يقربها، بانت منه بتطليقة لا رجعة له عليها، وعليها عدة ثلاث حيض، يخطبها في العدة، ولا يخطبها غيره، فان فاء قيل أربعة أشهر: أي إن جامع، كفر يمينه، وهي امرأته. وقال الحسن، وقتادة, وابن مسعود، وابراهيم، وابن عباس؛ وحماد: هو مضي أربعة أشهر قبل أن يفيء من غير عذر.

اللغة:

والعزم: هو العقد على فعل شيء في مستقبل الوقت. والعزم على الشيء هو إرادته له: إذا كانت مقدمة للفعل بأكثر من وقت واحد، وتكون متعلقة بفعل العازم، ولا يدخل بينهما، وبين الفعل سهو، ولا نسيان. يقال: عزم عزماً: إذا عقد على أن يفعل الشيء، واعتزم اعتزاماً. وعزمت عليك لتفعلن: أي أقسمت. وعزم الراقي: كأنه أقسم على الداء. ورجل ماضي العزم: حاد في أمره. وما لفلان عزيمة: أي ما يثبت على أمر، لتلونه، ومنه قوله:فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل } وعزائم القرآن التي تقرأ على ذوي الآفات، لما يرجى من البرء بها. وأصل الباب العزم على العقد على الشيء.

والطلاق: حل عقدة النكاح بما يوجبه في الشريعة. تقول: طلقت تطلق طلاقاً، فهي طالق - بلا علامة التأنيث، حكاه الزجاج. وقال قوم: لأنه يختص بالمؤنث. وقال الزجاج: هذا ليس بشيء، لأن في الكلام شيئاً كثيراً يشترك فيه المؤنث، والمذكر - بلا علامة التأنيث - نحو قولهم: بعير ضامر، وناقة ضامر، وبعير ساعل، وناقة ساعل. وزعم سيبويه، وأصحابه: أن هذا واقع على لفظ التذكير صفة للمؤنث، لأن المعنى: هي طالق حقيقة - عندهم - أنه على جهة النسب، نحو قولهم: إمرأة مذكار، ورجل مذكار، ورجل مئناث، وامرأة مئناث، ومعناه: ذات ذُكرانٍ، وذات أناث، وكذلك مطفل: ذات طفل، وكذلك طالق: ذات طلاق. فان أجريته على الفعل قلت طالقة، قال الشاعر:
أيا جارتا بيني فانك طالقه!   كذاك أمور الناس غاد وطارقه
تقول: طلقها، وتطلق تطلقاً، وأطلق إطلاقاً، واستطلق استطلاقاً، وانطلق انطلاقاً، وتطلقت المرأة عند الولادة، فهي مطلوقة إذا تمخضت. والطلق: الشوط من الجري. والطلق: قيد من قدّم أو عقب تقيد به الابل.

السابقالتالي
2