الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلْحَجِّ وَلَيْسَ ٱلْبِرُّ بِأَن تَأْتُواْ ٱلْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنِ ٱتَّقَىٰ وَأْتُواْ ٱلْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

القراءة:

البيوت والسيوح والغيوب والجيوب - بكسر أولها - شامي والكسائي، والأعشى لا يكسرون، الغيوب، ويكسرها حمزة، ويحيى إلا الجيوب. ويكسرها ابن كثير إلا الجيوب والغيوب. وابن فليح يكسرها كلها. وقالون يكسر منها البيوت فقط. وأبو عمرو يضمها كلها.

اللغة:

الأهلة جمع هلال وسمي الهلال، لرفع الصوت بذكره عند رؤيته، ومنه أهل بالحج: اذا رفع الصوت بالتلبية. واختلف أهل العلم إلى كم يسمى هلالا، فقال قوم: يسمى ليلتين هلالا من الشهر. ومنهم من قال: يسمى هلالا ثلاث ليال، ثم يسمى قمراً. وقال الأصمعي: يسمى هلالا حتى يحّجر. وتحجيره: أن يستدير بخطة دقيقة. ومنهم من قال: يسمى هلالا حين يبهر ضوءه سواد الليل، فاذا غلب ضوءه، سمي قمراً. وذلك لا يكون إلا في الليلة السابعة. وقال الزجاج: يسمى هلالا لليلتين. واسم القمر الزبرقان، واسم دارته الهالة. والفخت اسم ضوءه، أو ظلمته على خلاف فيه. واسم ظله السمر. ومنه قيل: سمار الذين يتحدثون بالليل. وإنما اقتصر في جمعه على أهلة، وهو لأدنى العدد، دون الفعل الذي هو للجمع الكثير، استثقالا له في التضعيف، كما قالوا، فيما ليس بمضعّف: حمار وأحمرة وحمر.

المعنى:

فان قيل عما كان وقع السؤال من حال الأهلة قيل عن زيادتها ونقصانها، وما وجه الحكمة في ذلك، فاجيب بأن مقاديرها تحتاج إليه الناس في صومهم، وفطرهم، وحجهم وعدد نسائهم، ومحلّ ذنوبهم، وغير ذلك. وفيها دلالة واضحة على أن الصوم لا يثبت بالعدد، وأنه يثبت بالهلال، لأن العدد لو كان مراعى، لما أحيل في مواقيت الناس في الحج على ذلك بل أحيل على العدد.

اللغة:

وقوله تعالى: { قل هي مواقيت } والميقات: هو مقدار من الزمان، جعل علماً لما يقدر من العمل، ومنه قوله تعالى:إلى يوم الوقت المعلوم } والتوقيت: تقدير الوقت. وقت توقيتاً، ومنه قوله تعالى:واذا الرسل أقتت } وكلما قدرت غاية، فهو موقت. والميقات: منتهى الوقت، ومنه قوله تعالى:فتم ميقات ربه } فالآخرة ميقات الخلق. والاهلال: ميقات الشهر. وإنما لم يصرف مواقيت، وصرف قوارير، لان قوارير فاصلة في رأس آية، فصرفت لتجري على طريقة واحدة في الآيات، كالقوافي، وليس ذلك تنوين الصرف.

المعنى:

وقوله تعالى { وليس البرّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البرّ من اتقى } قيل في معناه وجهان:

أحدهما - { ولكن البرّ من اتقى } كما قلنا في قوله { ولكن البرّ من آمن بالله }.

والثاني - على وقوع المصدر موقع الصفة، كأنه قال: ولكن البار { من آمن بالله }. وقيل في معنى الآية قولان:

أحدهما - أنه كان قوم من الجاهلية إذا أحرموا، نقبوا في ظهر بيوتهم نقباً، يدخلون منه، ويخرجون، فنهوا عن التدين بذلك، وأمروا أن يأتوا البيوت من أبوابها.

السابقالتالي
2