الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

القراءة:

قرأ أبو بكر عن عاصم { ولتكملوا } بتشديد الميم. الباقون بتخفيفها. قال أبو العباس: أكملت وكمّلت بمعنى واحد إلا أن في التشديد مبالغة. ومن قرأ بالتخفيف فلقولهاليوم أكملت لكم دينكم } اللغة:

الشهر: معروف، وجمعه: الأشهر. والشهور والشهرة: ظهور الأمر في شنعة. وشهرت الحديث أظهرته. وشهر فلان سيفه: اذا انتضاه. والمشهر: الذي أتى عليه شهر. وأشهرت المرأة: اذا دخلت في شهر ولادتها. وأتان شهيرة: أي عريضة ضخمة. والمشاهرة: المعاملة شهراً بشهر. وسمى الشهر شهراً، لاشتهاره بالهلال. فأصل الباب الظهور.

وقال ابن دريد: الرمض: شدة وقع الشمس على الرمل وغيره، والأرض رمضاء. ورمض يومنا رمضاً: اذا اشتد حرّه. ورمضان من هذا اشتقاقه، لأنهم سمّوا الشهور بالازمنة التي فيها، فوافق رمضان أيام رمض الحر، وقد جمعوا رمضان، رمضانات. قال صاحب العين: والرمض حرقة غيظ تقول: أرمضني هذا الأمر، ورمضت له. والرمض: مطر يكون قبل الخريف. وأصل الباب شدة الحر.

الاعراب:

وشهر رمضان رفع لأحد ثلاثة أشياء:

أولها - أن يكون خبر ابتداء محذوف يدل عليه { أياماً معدودات } وتقديره هي شهر رمضان.

الثاني - على ما لم يُسم فاعله، ويكون بدلا من الصيام، وتقديره { كتب عليكم الصيام } { شهر رمضان }.

الثالث - أن يكون مبتدأ وخبره { الذي أنزل فيه القرآن } ويجوز في العربية شهر رمضان بالنصب من وجهين: أحدهما - صوموا شهر رمضان. والآخر - على البدل من أيام.

المعنى:

وقوله { أنزل فيه القرآن } قيل في معناه قولان:

أحدهما - قال ابن عباس، وسعيد بن جبير، والحسن: إن الله تعالى أنزل جميع القرآن في ليلة القدر إلى السماء الدنيا، ثم أنزل على النبي (صلى الله عليه وسلم) بعد ذلك نجوماً. وهو المروي عن أبي عبدالله (ع).

والثاني - أنه ابتداء إنزاله في ليلة القدر من شهر رمضان. فان قيل كيف يجوز أنزاله كله في ليلة، وفيه الاخبار عما كان، ولا يصلح ذلك قبل أن يكون؟ قلنا: يجوز ذلك في مثل قوله:ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة } وقوله:لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين } على اذا كان وقت كذا أنزل { لقد نصركم الله } كما قال تعالىونادى أصحاب الجنة } أي إذا كان يوم القيامة { نادى أصحاب الجنة أصحاب النار }.

الاعراب:

وقوله تعالى: { هدى للناس } موضعه نصب على الحال، كأنه قال: أنزل فيه القرآن هادياً للناس. ولا يحتمل سواه، لقوله { وبينات من الهدى }.

اللغة:

والقرآن إشتقاقه قرأ يقرأ قراءة، وأقرأه إقراء وقال صاحب العين: رجل قارء: أي عابد ناسك، وفعله التقري والقراءة، وأقرأت المرأة: اذا حاضت.

السابقالتالي
2 3 4 5