الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

القراءة:

قرأ نافع وابن عامر، وابن كثير، والكسائي - بضم نون - { فمن اضطر } الباقون بكسرها.

اللغة والاعراب:

لفظة إنما تفيد إثبات الشيء، ونفي ما سواه كقول الشاعر:
وإنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي   
ومعناه لا يدافع غيري، وغير من هو مثلي، وهو قول الزجاج، والفراء، والرماني، والطبري، وأكثر أهل التأويل. وإنما كانت لاثبات الشيء، ونفي ما سواه، من قبل أنها لما كانت (إن) للتأكيد، ثم ضم إليها (ما) للتأكيد ايضاً، أكدت (إن) من جهة التحقيق للشيء، وأكدت (ما) من جهة نفي ما عداه، فكأنك اذا قلت: إني بشر، فالمعنى أنا بشر على الحقيقة، فاذا قلت: إنما أنا بشر، فقد ضممت إلى هذا القول ما أنا إلا بشر.

وتقدير قوله تعالى: { إنما حرّم عليكم الميتة } ما حرم عليكم إلا الميتة. ولو كانت (ما) بمعنى الذي، لكتبت مفصولة، ومثله قوله تعالى:إنما الله إله واحد } أي لا إله إلا واحد، ومثلهإنما أنت منذر } أي لا نذير إلا أنت ومثله إنما ضربت أخاك أي ما ضربت إلا أخاك.

فاذا ثبت ذلك، فلا يجوز في الميتة إلا النصب، لأن (ما) كافة ومعناه تحريم الميتة، وتحليل المذكى، ولو كانت ما بمعنى الذي، لكان يجوز في الميتة الرفع.

والفرق بين الميت، والميتة قيل فيه قولان:

أحدهما - قال أبو عمرو: ما كان قد مات، فهو بالتخفيف مثليخرج الحي من الميت } وما لم يمت بالتثقيل كقوله تعالى:إنك ميت وإنهم ميتون } ووجه ذلك أن التثقيل لما كان هو الأصل كان أقوى على التصريف في معنى الحاضر والمستقبل.

و [الثاني] قال قوم: المعنى واحد، وانما التخفيف لثقل الياء على الكسرة، قال الشاعر:
ليس من مات فاستراح بميت   إنما الميت ميت الأحياء
فجمع بين اللغتين:

المعنى:

قوله: { وما أهل به لغير الله } قيل في معناه قولان:

أحدهما - قال الربيع، وابن زيد، وغيرهما من أهل التأويل: معناه ذكر غير اسم الله عليه.

والثاني - قال قتادة، ومجاهد: ما ذبح لغير الله.

اللغة:

والاهلال على الذبح: هو رفع الصوت بالتسمية، وكان المشركون يسمون الأوثان، والمسلمون يسمون الله. ويقال: انهل المطر انهلالا وهو شدة انصبابه، وتهلل السحاب ببرقه أي تلألأ، وتهلل وجهه اذا تلألأ، وتهلل الرجل فرحاً. والهلال غرة القمر، لرفع الناس أصواتهم عند رؤيته بالتكبير، والمحرم يتهلل بالأحرام، وهو أن يرفع صوته بالتلبية، ويهلل الرجل: يكبر اذا نظر الى الهلال. وهلل البعير تهليلا اذا تقوس كتقوس الهلال، وسمي به الذكر، لأن الهلال ذكر. وثوب هل أي رقيق مشبه بالهلال في رقته. والتهليل: الفزع. واستهل الصبي اذا بكي حين يولد. والهلال: الحية الذكر، لأنه يتقوس، وسمي به الذكر، لأن الهلال ذكر.

السابقالتالي
2 3