الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ للَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ }

القراءة:

قرأ نافع وابن عامر، وأبو جعفر من طريق النهرواني " ولو ترى " بالتاء. الباقون بالياء. وقرأ أبوجعفر، ويعقوب " إن القوة لله، وإن الله " بكسر الهمزة فيهما. الباقون بفتحهما. وقرأ ابن عامر وحده " إذ يرون " بضم الياء. والباقون بفتحها.

اللغة:

الانداد، والامثال، والاشباه نظائر، والانداد واحدها ندّ. وقيل الاضداد. وأصل النّد المثل المناوي والمراد به هنا قال قتادة، والربيع، ومجاهد، وابن زيد. وأكثر المفسرين آلهتهم التي كانوا يعبدونها. وقال السدي: رؤساؤهم الذين يطيعونهم طاعة الارباب من الرجال. وقوله تعالى { يحبونهم } فالمحبة هي الارادة إلا ان فيها حذفاً، وليس ذلك في الارادة فاذا قلت: أحب زيداً معناه أريد منافعه أو مدحه، وإذا أحب الله تعالى عبداً فمعناه أنه يريد ثوابه وتعظيمه، وإذا قال: أحب الله معناه أريد طاعته واتباع أوامره، ولا يقال: أريد زيداً، ولا أريد الله ولا إن الله يريد المؤمن، فاعتيد الحذف في المحبة، ولم يعتد في الارادة. وفي الناس من قال: المحبة ليست من جنس الارادة، بل هي من جنس ميل الطبع، كما تقولون: أحب ولدي أي يميل طبعي اليه وذلك مجاز، بدلالة أنهم يقولون: أحببت أن أفعل بمعنى أردت أن أفعل. وضدّ الحب البغض. وتقول: أحبه حبّا، وتحبب تحبباً، وحببه تحبيباً، وتحابا تحاباً. والمحبة: الحب. والحب واحده حبة من بر، أو شعير، أو عنب. أو ما أشبه ذلك. والحبة بزور البقل. وحبة القلب ثمرته. والحب: الجرة الضخمة. والحب القرط من حبة واحدة. وحباب الماء: فقاقيعه. والحباب الحبة. وأحب البعير إحباباً: إذا برك، فلا يثور، كالحران في الخيل، قال أبوعبيدة: ومنه قوله تعالىأحببت حب الخير عن ذكر أبي } أي لصقت بالأرض لحب الخير، حتى تأتيني الصلاة. وأصل الباب: الحب ضد البغض.

المعنى:

وقوله: { كحب الله } قيل في هذه الاضافة ثلاثة أقوال: أحدها - كحبكم الله. والثاني - كحبهم الله. والثالث - كحب الله الواجب عليهم لا الواقع منهم، كما قال الشاعر:
فلستُ مسلماً ما دمت حياً   على زيد بتسليم الأمير
أي مثل تسليمي على الامير. فان قيل: كيف يحب المشرك - الذي لا يعرف الله - شيئاً كحبه لله؟ قلنا من قال: إن الكفار يعرفون الله قال: كحبه لله. ومن قال: هم لا يعرفون الله - على ما يقوله أصحاب الموافاة - قال: معناه كحب المؤمنين لله أو كالحب الواجب عليهم.

وقوله تعالى: { والذين آمنوا أشد حباً لله } قيل في معناه قولان:

أحدهما - { أشد حبّاً لله } للاخلاص له من الاشراك به.

والثاني - لانهم عبدوا من يملك الضر والنفع، والثواب، والعقاب، فهم أشد حباً لله بذلك ممن عبد الأوثان.

السابقالتالي
2 3