اللغة: قوله: { ومن يرغب } فالرغبة: المحبة لما فيه للنفس منفعة. ورغب فيه ضد رغب عنه. والرغبة: المحبة. والرغبة والمحبة والارادة نظائر. وبينهما فرق. نقيض الرغبة الرهبة ونقيض المحبة: البغضة. ونقيض الارادة الكراهية. تقول: رغب رغبة وأرغبه إرغاباً. ورّغبة ترغيباً. وتقول: رغب رغبة، ورغباً، ورغبى ورغباً إذا ملت لمحبك، ورغبت عنه إذا صددت عنه، وأنا راغب به فيهما جميعاً، والشيء مرغوب فيه، ومرغوب عنه. ولي عن فلان مرغب. وهو رجل رغيب: نهم شديد الاكل وفرس رغيب الشحوة كثير الأخذ بقوائمه من الارض. وموضع رغيب واسع والرغبة العطاء الكثير الذي يرغب في مثله. وقال صاحب العين: اللهم اليك الرغباء ومن لدنك النعماء، ورغبت عن الشيء إذا تركته. الاعراب: ومعنى { ومن يرغب عن ملة إبراهيم } لفظه الاستفهام، ومعناه الجحد، كأنه قال: ما يرغب عن ملة ابراهيم ولا يزهد فيها إلا من سفه نفسه وكأنه قال: واي الناس يزهد فيها { إلا من سفه نفسه } والاولى على الاستفهام، ومعناه الجحد. والثانية ـ بمعنى الذي كأنه قال: إلا الذي سفه نفسه. وفي نصب (نفسه) خلاف. قال الاخفش: معناه سّفه نفسه. وقال يونس: اراها لغة. قال الزجاج: اراد أن فعل لغة في المبالغة. كما أن فعل كذلك. فعلى هذا يجوز سفهت زيداً: بمعنى سفهت. وقال ابو عبيدة: معناه اهلك نفسه، وأوبق نفسه. وقال ابن زيد: إلا من اخطأ حظه. وقال ابن تغلب والمبرد: سفه ـ بكسر الفاء ـ يتعدى، وسفه ـ بضم الفاء ـ لا يعتدى. فهذا كله وجه واحد. والثاني ـ أن يكون على التفسير، كقوله{ فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً } وهو قول الفراء: قال: العرب توقع سفه على نفسه. وهي معرفة، وكذلك{ بطرت معيشتها } وانكر الزجاج هذا الوجه. وقال: معنى التمييز لا يحتمل التعريف، لأن التمييز انما هو واحد يدل على جنس، فاذا عرفته صار مقصوداً بعينه. والوجه الثالث ـ ان يكون على التمييز، والمضاف على الانفصال، كما تقول: مررت برجل مثله أي مثل له. والوجه الرابع ـ على حذف الجار، كما قال:{ أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم } اي لأولادكم. ومثله{ ولا تعزموا عقدة النكاح } اي على عقدة النكاح. قال الشاعر:
نغالي اللحم للأضياف نيئاً
ونرخصه إذا نضج القدير
والمعنى نغالي باللحم. وقال الزجاج: وهذا مذهب صحيح. واختار هو أن سفه بمعنى جهل. وهو موافق لمعنى ما قال ابن السراج في { بطرت معيشتها } لان البطر مستقل النعمة غير راض بها. وقال ابو مسلم: معناه جهل نفسه، وما فيها من الآيات الدالة على ان لها صانعا ليس كمثله شيء فيعلم به توحيد الله وصفاته. اللغة: ومعنى قوله: { ولقد اصطفيناه في الدنيا } اخترناه للرسالة والصفو: التميز من سائر الكدر.