الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَٱلْعَاكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ }

القراءة:

قرأ نافع وابن عامر { واتخذوا } على لفظ الخبر. الباقون بلفظ الامر.

المعنى:

قوله: { وإذ جعلنا } عطف على قوله { وإذ ابتلى إبراهيم ربه } وذلك معطوف على قوله: { يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم } واذكروا { وإذ ابتلى إبراهيم ربه } { وإذ جعلنا البيت مثابة } والبيت الذي جعله مثابة هو البيت الحرام.

اللغة:

والبيت في اللغة، والمنزل، والمأوى نظائر. يقال: بات يبيت بيتوتة، وبيته مبايتة. وتبيت تبيتاً. وتبايتوا تبايتاً. والبيت من أبيات الشعر ومن بيوت الناس. والبيت من بيوتات العرب: احياؤها. وبيت فلان أبياتاً تبيتاً اذا بناها. البيتوتة: الدخول في الليل. تقول: بت افعل كذا، وبالنهار ظللت وباتوا بيتوتة حسنة. وأباتهم الله إباتة. وأباتهم الامر بياتاً كل ذلك دخول الليل. وليس من النوم في شيء وما عنده بيت ليلة. ولا بيتة ليلة بكسر الباء يعني القوت. والله يكتب ما يبيتون عمل الليل وبيت القوم اذا اوقعت فيهم ليلا. والمصدر البيت. والاسم: البيات. ومنه قوله: { بأسنا بياتا } ويسمى البيت من الشعر بيتاً لضمه الحروف والكلام كما يضم البيت أهله وامرأة الرجل: بيته. قال الراجز:
مالي اذا اخذتها صأيت   أكبر غيرني أم بيت
وماء بيوت اذا بات ليلة في إنائه واصل الباب البيت: المنزل

وقوله: { مثابة } في معناه خلاف. قال الحسن يثيبون اليه كل عام، أي ليس هو مرة في الزمان فقط. وقال ابن عباس: معناه أنه لا ينصرف عنه احد، وهو يرى انه قد قضى منه وطراً، فهم يعودون اليه. وقال ابو جعفر (ع): يرجعون اليه لا يقضون منه وطراً وبه قال مجاهد. وحكي الخازئي ان معناه يحجون اليه فيثابون عليه. وقال الجبائي يثوبون اليه: يصيرون اليه.

اللغة:

والفرق بين مثابة ومثاب، ان الاخفش قال: مثابة للمبالغة لما كثر من يثوب اليه. كما قيل علامة ونسابة وسيارة وقال الفراء والزجاج: معناهما واحد. كالمقامة والمقام بمعنى واحد. ووزن مثابة مفعلة واصلها مثوبة. من ثاب يثوب مثابة، ومثابا. وثوابا: اذا رجع فنقلت حركة الواو إلى الياء ثم قلبت على ما قبلها. قال ورقة بن نوفل في صفة الحرم:
مثاب لافناء القبائل كلها   تخب اليه اليعملات الطلائح
ومنه ثاب اليه عقله، أي رجع اليه بعد عزوبه. وقوله { وأمنا } فالامن مصدر قولك أمن يأمن أمنا. وانما جعله أمنا بان حكم ان من عاذ به والتجأ لا يخاف على نفسه ما دام فيه بما جعله في نفوس العرب من تعظيمه فكان من فيه آمنا على ماله ودمه ويتخطف الناس من حوله كما قال:أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم } ولعظم حرمته ان من جنى جناية والتجأ اليه لا يقام عليه الحد حتى يخرج لكن يضبق عليه في المطعم والمشرب، والبيع والشراء، حتى يخرج منه، فيقام عليه الحد.

السابقالتالي
2 3