الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ }

القراءة:

اسكن الياء من " عهدي " حمزة وحفص إلا ابن ساهي. وكتب في بعض المصاحف " إبراهم " بغير ياء وفي اكثرها بالياء. قال بعض الجرهميين: نحن ورثنا على احد (إبراهم). وقرأ ابن عامر ابراهام في خمسة وثلاثين موضعاً في القرآن كله: في البقرة خمسة عشرة موضعاً. وهو جميع ما فيها. تقدير الآية واذكرو إذ ابتلى ابراهيم رُّبه بكلمات.

المعنى:

والابتلاء هو الاختبار ـ وهو مجاز ها هنا لان حقيقته الامر من الله تعالى بخصال الايمان فسمي ذلك اختبارا، لان ما يستعمل بالامر منا في مثل ذلك على جهة الاختبار والامتحان، فجرى تشبيهاً بما يستعمله اهل اللغة عليه. وقال بن الاخشاذ: إنما ذلك على انه جل ثناؤه يعامل العبد معاملة المختبر الذي لا يعلم لانه لو جازاهم بعمله فيهم، كان ظالما لهم. والكلمات التي ابتلى الله ابراهيم بها فيها خلاف فيروى في بعض الروايات عن ابن عباس، وبه قال قتادة، وابو الخلد: انه أمره اياه بعشرة سنن خمس في الرأس، وخمس في الجسد. فاما التي في الرأس فالمضمضة والاستنشاق والفرق وقص الشارب، والسواك. واما التي في الجسد: فالختان وحلق العانة، وتقليم الاظفار، ونتف الابطين والاستنجاء. وفي احدى الروايتين عن ابن عباس أنه ابتلاه من شرائع الاسلام بثلاثين شيئاً عشرة منها في براءة { التائبون العابدون الحامدون }. إلى اخرها وعشرة في الاحزاب: { إن المسلمين والمسلمات } إلى اخرها وعشرة في سورة المؤمنين: إلى قوله { والذين هم على صلاتهم يحافظون } وعشرة في سأل سائل إلى قوله: { والذين هم على صلاتهم يحافظون } فجعلها اربعين سهما وفي رواية ثالثة عن ابن عباس انه امره بمناسك الحج: الوقوف بعرفة والطواف والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار والافاضه. قال الحسن: ابتلاه الله بالكوكب وبالقمر وبالشمس، وبالختان وبذبح انبه، وبالنار، وبالهجرة وكلهن وفى لله فيهن. وقال مجاهد: ابتلاه الله بالآيات التي بعدها وهي { إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين } وقال الجبائي: أراد بذلك كلما كلفه من طاعاته العقيلة والشرعية.

وقوله: { فأتمهن } معناه وفى بهن على قول الحسن وقال قتادة والربيع: عمل بهن، فاتمهن. وقال البلخي: الضمير في اتمهن راجع إلى الله. وهو اختيار الحسين بن علي المغربي. قال البلخي: الكلمات هي الامامة على ما قال مجاهد. قال: لأن الكلام متصل، ولم يفصل بين قوله: { إني جاعلك للناس إماما } وبين ما تقدمه بواو، فاتمهن الله بان اوجب بها الامامة له بطاعته، واضطلاعه، ومنع ان ينال العهد الظالمين من ذريته، واخبره بان منهم ظالما فرضي به وأطاعه وكل ذلك ابتلاء واختبار.

اللغة:

والتمام والكمال والوفاء نظائر. وضد التمام النقصان.

السابقالتالي
2 3