هذا خطاب من الله لبني اسرائيل الذين كانوا في عهد رسول الله " صلى الله عليه وسلم " امرهم الله ان يذكروا نعمته التي انعم بها عليهم. اللغة: والنعمة: النفع يستحق به الشكر. والانعام والاحسان والافضال نظائر. ونقيض النعمة: النقمة: وهو الضرر المستحق. المعنى: ومعنى قوله: { وأني فضلتكم على العالمين } يعني عالمي زمانهم. وتفضيله اياهم بان جعل فيهم النبوة والحكم وهذه الآية قد تقدم ذكر مثلها في رأس نيف واربعين. وقيل في سبب تكريرها ثلاثة اقوال: احدها ـ ان نعم الله لما كانت الاصل الذى به يجب شكره، وعبادته ذكر بها، ليقبلوا إلى طاعته واتباع امره، وليكون مبالغة في استدعائهم إلى ما يلزمهم لربهم التظاهر بالنعم عليهم. والثاني ـ انه لما ذكر الكتاب وعنى به التوراة، وكان فيه الدلالة على شأن عيسى ومحمد " صلى الله عليه وسلم " في النبوة والبشارة المتقدمة، ذكرهم عز وجل بما انعم عليهم من ذلك، وفضلهم كما جاء{ فبأى آلاء ربكما تكذبان } بعد نعم ذكرهم بها، ثم عدد نعماً اخر، وقال فيها{ فبأى آلاء ربكما تكذبان } اى فبأى هذه تكذبان وكل تقريع جاء، فانما هو موصول بتذكير نعمه غير الاول. والثالث غير الثاني. وهكذا إلى آخر السورة. وكذلك الوعيد ـ في سورة المرسلات ـ بقوله:{ ويل يومئذ للمكذبين } انما هو بعد الدلالة على اعمال يعظم التكذيب بما تدعو اليه الادلة. الثالث ـ انه مقدمة لما بعده، لانه تعالى اراد وعظهم ذكرهم قبل ذلك بالنعم عليهم، لانه استدعاء إلى قبول الوعظ لهم. وقيل: فيه وجه رابع. وهو انه لما تباعد بين الكلامين حسن التنبيه والتذكير. وموضع " التي " نصب بالعطف على نعمتي.