الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَـٰنَهُ بَل لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ }

القراءة:

قرأ ابن عامر وحده: " قالوا " بلا واو.

المعنى:

والمعنى بهذه الآية النصارى وقال قوم: النصارى، ومشركوا العرب معاً، من حيث قالوا: الملائكة بنات الله، وقالت النصارى: المسيح بن الله ـ هذا قول الزجاج. ـ وفي هذه الآية دلالة على انه لا يجوز الولد على وجه من الوجوه، لأنه اذا كان جميع ما في السماوات والارض ملكا له، فالمسيح عبد مربوب، وكذلك الملائكة المقربون، لان الولد لا يكون إلا من جنس الوالد، ولا يكون المفعول إلا من جنس الفاعل، وكل جسم فعل لله فلا مثل له ولا نظير على وجه من الوجوه (تعالى الله) عن صفات المخلوقين.

وقوله: { كل له قانتون }. الاصل في القنوت الدوام. وينقسم اربعة اقسام:

الطاعة، كقوله: { كل له قانتون } أي مطيعون والقنوت الصلاة كقوله:يامريم اقنتي لربك واسجدي واركعي } والقنوت: طول القيام. وروي عن جابر بن عبد الله قال: سئل النبي (صلى الله عليه وسلم) أي الصلاة أفضل فقال: " طول القنوات " ويكون القنوت السكوت، كما قال زيد بن ارقم: كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلتوقوموا لله قانتين } فامسكنا عن الكلام. وقيل في " قانتون " ها هنا ثلاثة أقوال

: [الاول] قال مجاهد: معناه مطيعون، وطاعة الكافر في سجود ظله. وقال ابن عباس: مطيعون.

الثاني ـ قال السدي: كل له مطيعون يوم القيامة. وقال الربيع: كل له قائم يوم القيامة.

الثالث ـ قال الحسن: كل قائم له بالشهاده عبدة. وقالت فرقة رابعة ـ وهو الاقوى ـ: كل دائم على حالة واحدة بالشهادة بما فيه من آثار الصنيعة، والدلالة على الربوبية. وزعم الفراء: انها خاصة لاهل الطاعة، بدلالة انا نجد كثيراً من الخلق غير طائعين. وعلى ما اخترناه لا يحتاج إلى التخصيص.

اللغة:

وأما القنوت في اللغة فقد يكون بمعنى الطاعة. تقول: قنت يقنت قنوتاً، فهو قانت: اذا اطاع وقال صاحب العين: القنوت في الصلاة دعاء بعد القراءة في آخر الوتر، يدعو قائما. ومنه قوله:أمن هو قانت أناء الليل ساجداً وقائما } والقنوت، والدعاء: قيام في هذا الموضع. وقيل في قوله:وقوموا لله قانتين } أي خاشعين. وقال ابن دريد: القنوت: الطاعة. وقال ابو عبيدة: القانتات: الطائعات، والقنوت في الصلاة: طول القيام ـ على ما قاله المفسرون ـ في قوله: { وقوموا لله قانتين }. واصل الباب: المداومة على الشيء.