الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً } * { إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي ٱلأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً } * { فَأَتْبَعَ سَبَباً } * { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً } * { قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً }

خمس آيات كوفي وحجازي وست بصري وشامي. عدّ اسماعيل والكوفيون والبصري والشامي " من كل شيءٍ سبباً آية وعدّ المدني الأخر والمكي والبصري والشامي عندها قوماً " آية جعلوا { فأتبع سبباً } بعض الآية الأولى ولم يعد أَهل الكوفة " قوماً " آخر آية بان جعلوا آخر الآية " حسناً ".

قرأ ابن عامر وأهل الكوفة { فأتبع } بقطع الهمزة، وفتحها، وتخفيف التاء وسكونها، فيهن الباقون { فأتبع } جعلوها ألف وصل وشددوا التاء، وفتحوها. وقرأ ابن عامر وأهل الكوفة إلا حفصاً وابو جعفر " حامية " بالف وتخفيف الهمزة. الباقون { حمئة } بلا الف، مهموز. قال أبو علي النحوي (تبع) فعل يتعدى الى مفعول واحد، فاذا نقلته بالهمزة يتعدى الى معفولين. قال الله تعالىوأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة } وقالوأتبعوا في هذه الدنيا لعنة } لما بنى الفعل للمفعولين قام أحد المفعولين مقام الفاعل. واما { أتبعوا } فافتلعوا، فتعدى الى مفعول واحد، كما تعدى افعلوا اليه، مثل شويته واشتويته، وحفرته واحتفرته. وقولهفأتبعوهم مشرقين } تقديره فاتبعوهم جنودهم فحذف أحد المفعولين، كما حذف من قولهلينذر بأساً شديداً من لدنه } ومن قولهلا يكادون يفقهون قولاً } والمعنى لا يكادون يفقهون أحداً، ولينذر الناس بأساً شديداً، فمن قطع الهمزة فتقديره فاتبع أمره سبباً او اتبع ما هو عليه سبباً [والسبب ها هنا الطريق مثل السبيل. والسبب الحبل. والسبب القرابة].

وقال ابو عبيدة { في عين [حمئة } بالألف ذات حمأة. وقال ابو علي من قرأ حمئه بغير الف فهي فعله. ومن قرأ { حاميه } ] فهي فاعلة من حميت فهي حامية، قال الحسن: يعني حارة. ويجوز فيمن قرأ { حامية } أن تكون فاعلة من الحمأة، فخفف الهمزة وقلبها ياء على قياس قول أبي الحسن. وإن خفف الهمزة على قول الخليل كانت بين بين. وقرأ ابن عباس { في عين حمئة } وقال هي ماء وطين. وتقول العرب: حمأت البئر إذا أخرجت منها الحمأة، واحمأتها إذا طرحت فيها الحمأة. وحمئت تحمأ ومعنى حمئة صار فيها الحمأه. فاما قولهم هذا حم لفلان، ففيه أربع لغات حمو وحمو وحماء وحم. وذكر اللحياني لغة خامسة وسادسة: الحمو مثل العفو، والحمأ مثل الخطأ. وكل قرابة من قبل الزوج، فهم الاحماء وكل قرابة من قبل النساء فهم الاختان والصهر يجمعهما، وأم الرجل ختنه وابوه ختنه وام الزوج حماة وأبوها حمو. وقال ابو الاسود الدؤلي شاهد لابي عمرو فى عين حمئة:
تجيء بملئها طوراً وطوراً   تجيء بحمأة وقليل ماء
يقول الله تعالى لنبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) يسألونك يا محمد عن ذي القرنين واخباره وسيرته، وكان السائل عن ذلك قوماً من اليهود. وقيل كانوا قوماً من مشركي العرب، فقل لهم يا محمد، { سأتلوا عليكم } يعني سأقرأ عليكم من خبره ذكراً.

السابقالتالي
2