قرأ اهل المدينة وابو عمرو { أن يبدلهما } - بفتح الياء وتشديد الدال - هنا - وفى التحريم { أن يبدله } وفي نون { أن يبدلنا } بالتشديد فيهن. الباقون بالتخفيف. فاما التي في سورة النور { وليبدلنهم } فخففها ابن كثير وابو بكر ويعقوب. وشدده الباقون. وقرأ ابن عامر وابو جعفر ويعقوب { رحماً } بضم الحاء. الباقون باسكانها. وروى العبسي { ما لم تسطع } بتشديد الطاء. الباقون بتخفيفها. قال ابو علي (بدل، وابدل) متقاربان مثل (نزل، وانزل) إلا ان (بدل) ينبغي ان يكون أرجح، لقوله تعالى{ لا تبديل لكلمات الله } ولم يجئ الابدال كما جاء التبديل، ولم يجئ الابدال في موضع من القرآن، وقد جاء{ وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج } فهذا قد يكون بمعنى الابدال كما ان قوله الشاعر:
فلم يستجبه عنك ذاك مجيب
بمعنى فلم يجبه. وقال قوم: ابدلت الشيء من الشيء إذا ازلت الأول وجعلت الثاني مكانه. كقول ابي النجم:
عزل الامير للأمير المبدل
وبدلت الشيء من الشيء إذا غيرت حاله وعينه. والاصل باق، كقولهم بدلت قميصي جبة، واستدلوا بقوله{ كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها } فالجلد الثاني هو الاول، ولو كان غيره لم يجز عقابه. واما (رحم ورحم) فلغتان مثل العمر والعمر، والرعب والرعب. وحكي لغة ثالثة - بفتح الراء واسكان الحاء - كما يقال: اطال الله عمرك وعمرك. والمعنى واقرب رحمة وعطفاً، وقربى وقرابة قال الشاعر:
ولم تعوج رحم من تعوجاً
وقال آخر:
يا منزل الرحم على ادريس
حكى الله تعالى عن صاحب موسى انه قال له { هذا فراق بيني وبينك } ومعناه هذا وقت فراق اتصال ما بيني وبينك، فكرر (بين) تأكيداً، كما يقال: أخزى الله الكاذب مني ومنك أي أخزى الله الكاذب منا. وقيل في { هذا } انها اشارة الى احد شيئين: احدهما - هذا الذى قلته فراق بيني وبينك. والثاني - هذا الوقت فراق بيني وبينك. ثم قال له { سأنبئك } أي ساخبرك { بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً } ولم يخفّ عليك رؤيته، ثم بين واحداً واحداً، فقال { أما } السبب في خرقي { السفينة } انها { كانت لمساكين } أي للفقراء الذين لا شيء لهم يكفيهم، قد اسلمتهم قلة ذات أيديهم { يعملون في البحر } أى يعملون بها في البحر ويتعيشون بها { فأردت أن أعيبها } والسبب فى ذلك انه { كان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً } فقيل إن الملك كان يأخذ السفينة الصحيحة، ولا يأخذها إذا كانت معيبة. وقد قرئ فى الشواذ { يأخذ كل سفينة صحيحة غصباً } روى ذلك عن أبي، وابن مسعود. والوراء والخلف واحد، وهو نقيض جهة القدام على مقابلتها. وقال قتادة: وراءهم - ها هنا - بمعنى أمامهم. ومنه قوله{ من ورائهم جهنم } و{ ومن ورائهم برزخ } وذلك جائز على الاتساع، لانها جهة مقابلة لجهة، فكأن كل واحد من الجهتين وراء الآخر قال لبيد: