الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّٰكِنَّاْ هُوَ ٱللَّهُ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً } * { وَلَوْلاۤ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِٱللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً } * { فعسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً } * { أَوْ يُصْبِحَ مَآؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً }

قرأ نافع - في رواية المسيبي - وابن عامر، وابو جعفر، ورويس، والبرجمي، والعبسي { لكنا هو الله ربي } باثبات الالف فى الوصل، وهي قراءة ورش عن نافع. والباقون بغير الف في الوصل. ولم يختلفوا في الوقف أنه بألف. وقد جاء الاثبات فى الوصل، قال الاعشى:
فكيف أنا وانتحالى القوافي   بعد المشيب كفى ذاك عارا
غير ان ذلك من ضروة الشعر، ويجوز في { لكنا هو الله ربي } خمسة أوجه في العربية.

احدها - لكن هو الله - بالتشديد - من غير الف في الوصل والوقف.

الثاني - بالف في الوصل والوقف.

الثالث - لكننا باظهار النونين وطرح الهمزة.

الرابع - لكن هو الله ربي بالتخفيف.

الخامس - لكن انا على الاصل. وقال الكسائي: العرب تقول: أن قائم بمعنى أنا قائم، فهذا نظير { لكن هو الله } ومن قرأ لكنا في الوصل احتمل امرين:

أحدهما - أن يجعل الضمير المتصل مثل المنفصل الذي هو نحن، فيدغم النون من { لكن } - لسكونها - فى النون من علامة الضمير، فيكون على هذا باثبات الالف وصلا ووقفاً، لان أحداً لا يحذف الالف من (انا فعلنا).

وقوله { هو الله } فهو ضمير علامة الحديث والقصة. كقولهفإذا هي شاخصة } وقوله { قل هو الله أحد } والتقدير: الامر: الله احد، لأن هذا الضمير يدخل على المبتدإ والخبر، فيصير المبتدأ والخبر في موضع خبر وعاد على الضمير الذي دخلت عليه (لكن) على المعنى، ولو عاد على اللفظ لقال: لكنا هو الله ربنا. ودخلت (لكن) مخففة على الضمير، كما دخلت في قولهإنا معكم } والوجه الاخر - أن يكون ما حكاه سيبويه أنه سمع من يقول أعطني يبضة فشدد وألحق الهاء بالتشديد للوقف، والهاء مثل الالف في سبساء، والياء فى (عيهل) واجرى الهاء مجراهما فى الاطلاق، كما كانت مثلهما في نحو قوله:
صفية قومي ولا تجزعي   وبكى النساء على حمزة
وهذا الذي حكاه سيبويه ليس فى شعر، فكذلك الآية يكون الالف فيها كالهاء، ولا تكون الهاء للوقف لأن هاء الوقف لا يبين بها المعرب، ولا ما ضارع المعرب فعلى احد هذين الوجهين يكون قول من اثبت الالف في الوصل أو عليهما جميعاً، ولو كانت فاصلة، لكان مثلفأضلونا السبيلاً } وفى (أنا) فى الوصل ثلاث لغات أجودها (أنا قمت) كقوله { أنا ربكم الأعلى } بغير ألف في اللفظ، ويجوز (أنا قمت) باثبات الالف، وهو ضعيف جداً وحكوا أن قمت باسكان النون، وهو ضعيف أيضاً وأما { لكنا هو الله ربي } باثبات الالف فهو الجيد، لان الهمزة قد حذفت من انا فصار اثبات الالف عوضاً عن الهمزة، وحكي أن أبياً قرأ { لكن أنا هو الله } قال الزجاج وهو الجيد البالغ، وما قرأه القراء ايضاً جيد.

السابقالتالي
2