الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى ٱلأَرَآئِكِ نِعْمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً } * { وَٱضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً } * { كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً } * { وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً }

قرأ عاصم وأبو جعفر وروح { وكان له ثمر }. { وأحيط بثمره } بفتح الثاء والميم فيهما، وافقهم رويس في الاولى. وقرأ أبو عمرو - بضم الثاء وسكون الميم - فيهما. الباقون بضمهما فيهما.

قال أبو علي: الثمر ما يجتنى من ذي الثمر وجمعه ثمرات مثل رحبة ورحبات: ورقبة ورقبات، ويجوز في جمع { ثمرة } ضربان: احدهما - على ثمر، كبقرة وبقر والاخر - على التكسير، فتقول ثمار كرقبة ورقاب، فيشبه المخلوقات بالمصنوعات وشبه كل واحد منهما بالآخر. ويجوز فى القياس أن يكسر (ثمار) الذي هو جمع ثمرة على ثمر، ككتاب وكتب، ويجوز أن يكون ثمر جمع ثمرة كبدنة وبدن وخشبة وخشب، ويجوز أن يكون ثمر واحداً كعنق وطنب، فعلى جميع هذه الوجوه يجوز اسكان العين منه. ومثله في قوله { وأحيط بثمره }. وقال بعض أهل اللغة: الثمر المال، والثمر المأكول. وجاء في التفسير (إن الثمر النخل والشجر) ولم يرد به الثمر. فالثمر - على ما روي عن جماعة من السلف - الاصول التي تحمل الثمرة لا نفس الثمرة بدلالة قوله { فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها } أي في الجنة والنفقة انما تكون على ذوات الثمر في الأكثر، فكأن الآية التي أرسلت عليها اصطلمت الاصول وإجتاحتها، كما قال تعالى فى صفة الجنة الاخرىفأصبحت كالصريم } أي كالليل في سواده لاحتراقها بعد أن كانت كالنهار فى بياضها. وحكي عن أبي عمرو، إن الثمرة والثمر أنواع المال من الذهب والفضة وغيرهما يقال: فلان مثمر أي كثير المال، ذهب اليه مجاهد وغيره.

اخبر الله تعالى في الآية الاولى عما للمؤمنين الذين آمنوا وعملوا الصالحات الذين أخبر عنهم بأنه لا يضيع عملهم الحسن، وما قد أعدّ لهم، فقال { لهم جنات عدن } والجنات جمع جنة، وهي البستان الذي فيها الشجر. ومعنى { عدن } أي موضع اقامة، وانما سمي بذلك، لانهم يبقون فيها ببقاء الله دائماً وأبداً، والعدن الاقامة. وقيل: هو اسم من اسماء الجنة - في قول الحسن - ويقال عدن بالمكان يعدن عدناً اذا أقام فيه، فسمى الجنة عدناً من اقامة الخلق فيها. ثم وصف هذه الجنة، فقال { تجري من تحتهم الأنهار } وقيل في معنا ذلك قولان:

احدهما - إن انهار الجنة في اخاديد من الارض، فلذلك قال من تحتهم.

الثاني - انهم على غرف فيها فالانهار تجري من تحتهم، كما قال تعالىوهم في الغرفات آمنون } وقوله { يحلون فيها من أساور من ذهب } أي يجعل لهم فيها حلياً من زينة من أساور، وهو جمع اسوار على حذف الزيادة، لأن مع الزيادة أساوير، فى قول قطرب.

وقيل هو جمع اسورة، واسورة جمع سوار، يقال بكسر السين وضمها - في قول الزجاج - والسوار زينة تلبس في الزند من اليد.

السابقالتالي
2