الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً } * { قُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ لَهُ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً } * { وَٱتْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً }

قرأ حمزة والكسائي { ثلاثمائة سنين } مضافاً. الباقون بالتنوين، قال الفراء: من العرب من يضع { سنين } فى موضع (سنة) فهي فى موضع خفض على قراءة من أضاف قال عنترة:
فيها اثنتان وأربعون حلوبة   سوداً كخافية الغراب الاسحم
فمن نون نصب سنين بـ { لبثوا } وتقديره سنين ثلاثمائة، فـ { سنين } مفعول { لبثوا } و { ثلاثمائة } بدل، كما تقول خرجت أياماً خمسة وصمت سنين عشرة. وان شئت نصبت { ثلاثمائة } بـ { لبثوا } وجعلت { سنين } بدلا ومفسرة لها. ومن أضاف قال ابن خالويه: هي قراءة غير مختارة، لانهم لا يضيفون مثل هذا العدد إلا الى الافراد فيقولون ثلاثمائة درهم ولا يقولون ثلاثمائة دراهم قال ابو علي الفارسي قد جاء مثل ذلك مضافاً الى الجمع، قال الشاعر:
فما زودوني غير سحق عمامة   وخمس مئ منها قسي وزائف
جمع على فعل. وقد كسر القاف كما كسر فى (حلى) وقرأ ابن عامر، { ولا تشرك } بالتاء على الخطاب. الباقون بالياء على الخبر، فمن قرأ على النهي قال تقديره { لا تشرك } ايها الانسان. ومن قرأ على الخبر، فلتقدم الغيبة. وهو قوله { ما لهم من دونه من ولي } والهاء للغيبة. وقرأ الحسنتسع وتسعون } بفتح التاء - يقال تسع بكسر التاء وفتحها، وهما لغتان. والكسر اكثر وافصح.

قوله { ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً } الآية معناه إخبار من الله تعالى وبيان عن مقدار مدة لبثهم يعني أصحاب الكهف الى وقت إنتباههم. ثم قال لنبيه، فان حاجك المشركون فيهم من أهل الكتاب، فقل { الله أعلم بما لبثوا } وهو قول مجاهد، والضحاك، وعبيد بن عمير، كما قالعالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً } ومن قرأ بالتاء، قال معناه لا تنسبن احداً الى عالم الغيب. ويحتمل أن يكون المعنى لا يجوز لحاكم أن يحكم إلا بما حكم الله به أو بما دل على حكم الله، وليس لأحد أن يحكم من قبل نفسه، فيكون شريكاً لله في أمره وحكمه.

وقيل إن معناه { قل الله أعلم بما لبثوا } الى أن ماتوا. وحكى عن قتادة أن ذلك حكاية عن قول اليهود فانهم الذين قالوا لبثوا في كهفهم ثلثمائة سنين وازدادوا تسعاً. وقوى ذلك بقوله { قل الله أعلم بما لبثوا } فذكر تعالى أنه العالم بذلك دون غيره. وقد ضعف جماعة هذا الوجه قالوا: لان الوجه الأول أحسن، لانه ليس لنا أن نصرف اخبار الله الى أنه حكاية إلا بدليل قاطع، ولأنه معتمد الاعتبار الذي بينه الله (عز وجل) للعباد.

وقوله { له غيب السماوات والأرض } فالغيب يكون للشيء بحيث لا يقع عليه الادراك، ولا يغيب عن الله تعالى شيء، لانه لا يكون بحيث لا يدركه. وقيلعالم الغيب والشهادة }

السابقالتالي
2