الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَأْوُوا إِلَى ٱلْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفَقاً } * { وَتَرَى ٱلشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ ٱلْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً } * { وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ ٱليَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِٱلوَصِيدِ لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً }

قرأ ابن عامر واهل الكوفة، وابو بكر والاعشى إلا يحيى والعليمي " مرفقاً " بفتح الميم وكسر الفاء. الباقون - بكسر الميم وفتح الفاء - وقرأ ابن عامر ويعقوب (تزور) - بتخفيف الزاي وتسكينها وتشديد الراء من غير ألف - وقرأ أهل الكوفة بتخفيف الزاي والف بعدها وتخفيف الراء. الباقون كذلك إلا أنهم شددوا الزاي. وقرأ أهل الحجاز " لمليت " بتشديد اللام. الباقون بتخفيفها وبالهمز.

قال ابو عبيدة: المرفق ما ارتفقت به وبعضهم يقول: المرفق. فأما في اليدين فهو (مرفق) بكسر الميم وفتح الفاء، وهو قول الكسائي، واجاز الفراء الفتح أيضاً. وقال ابو زيد يقال: رفق الله عليك أهون المرفق والرفق. قال ابو علي: ما حكاه أبو زيد في { المرفق } فانه جعله مصدراً، لأنه جعله كالرفق، وكان القياس الفتح لانه من (يرفق) لكنه كقولهمرجعكم } ويسألونك عن المحيض } وقال ابو الحسن: { مرفقاً } أي شيئاً يرتفقون به مثل المقطع. و { مرفقاً } جعله اسماً مثل المسجد أو يكون لغة يعنى في اسم المصدر مثل المطلع ونحوه. ولو كان على القياس لفتحت اللام. وقال الحسن ايضاً: مرفق - بكسر الميم وفتحها - لغتان لا فرق بينهما انما هما اسمان مثل المسجد والمطبخ.

ومن قرأ " تزورّ " فانه مثل تحمر وتصفر، ومعناه تعدل وتميل قال عنترة:
فازور من وقع القنا بلبانه   وشكى الي بعبرة وتحمحم
وقرأ عاصم والجحدري " تزوار " مثل تحمار وتصفار.

ومن قرأ " تزاور " أراد تتزاور فأدغم التاء في الراء.

ومن خفف اراد ذلك، وحَذَفَ إحدى التائين وهي الثانية مثل تساقط، وتساقط، وتظاهرون، وتظاهرون. قال أبو الزحف:
ودون ليلى بلد سمهدر   جدب المندى عن هوانا ازور
يقال: هو أزور عن كذا أي مائل. وفى فلان زور أي عوج، والزور - بسكون الواو - هو المصدر، ومثله الجوشن، والكلكل، والكلكال، كل ذلك يراد به المصدر

وقال ابو الحسن: قراءة ابن عامر " تزور " لا توضع في ذا المعنى، انما يقال: هو مزور عني أي منقبض. وقال ابو علي: يدل على أن (ازور) بمعنى انقبض - كما قال ابو الحسن - قول الشاعر:
وأزور من وقع بلبانه   
والذي حسّن القراءة به قول جرير:
عسفن على الاداعس من مهيل   وفى الاظغان عن طلح ازورار
فظاهر استعمال هذا (الاظغان) مثل استعماله في { الشمس }. ويقال: ملئ فلان وعياً وفزعاً، فهو مملؤ، وملي، فهو مملي - بالتشديد، للتكثير من ملأت الاناء فهو ملآن، وامتلأ الحوض يمتلئ امتلاءاً، وقولهم: تمليت طويلا، وعانقت حبيباً، ومت شهيداً، وابليت جديداً، فهو غير مهموز. قال ابو الحسن: الخفيفة أجود في كلام العرب، لانهم يقولون ملأته رعباً، فلا يكادون يعرفون (ملأتني).

السابقالتالي
2 3