الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً } * { ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً }

يقول الله تعالى { فضربنا على آذانهم في الكهف } يعني بالنوم، كما يقول القائل لآخر: ضربك الله بالفالج بمعنى أبلاك الله به. وقيل معناه منعناهم أن يسمعوا، والمعنى انمناهم. وقوله { سنين عدداً } معناه سنين معدودة. ونصب { سنين } على الظرف بقوله { فضربنا } و { عدداً } بمعنى معدود، والعدّ المصدر ومثله نقضت الشيء نقضاً، والمنقوض نقض، وكذلك قبضته قبضاً، والمقبوض قبض.

وقوله تعالى { ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمداً } معناه بعثنا هؤلاء الفتية الذين أووا الى الكهف بعد ما ضربنا على آذانهم فيه سنين عدداً، من رقدتهم لينظر عبادي فيعلموا بالبعث أي الطائفتين اللتين اختلفتا في قدر مبلغ مكث الفتية في كهفهم رقودا { أحصى لما لبثوا } بمعنى أصوب لقدر لبثهم فيه أمداً. والامد الغاية قال النابغة:
ألا لمثلك او من أنت سابقه   سبق الجواد إذا استولى على الأمد
وقال قوم: الحزبان جميعاً كانا كافرين. وقال آخرون: كان أحدهما مسلماً والآخر كافراً، فالاول قول مجاهد. وقال: الحزبان من قوم الفتية. وقال قتادة: أحدهما كان كافراً، والآخر كان مؤمناً، ولم يكن لواحد منهما علم بمقدار زمان لبثهم. وقال قوم: الحزبان هم اصحاب الكهف اختلفوا في مدة لبثهم. وقال قوم: احد الحزبين اصحاب الكهف، والآخر اصحابهم وقومهم.

ومعنى { أمداً } قال ابن عباس يعني بعيداً. وقال مجاهد: يعني عدداً.

ويحتمل نصب { أمداً } وجهين:

احدهما - التمييز في قوله { أحصى } كأنه قال أي الحزبين اصوب عدداً.

والثاني - أن يكون نصباً بوقوع قوله { لبثوا } عليه، كأنه قال: أي الحزبين أحصى للبثهم غاية أي في الامد.

والفتية جمع فتى مثل صبي وصبية وغلام وغلمة.