الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً } * { وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً } * { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }

قرأ ابن كثير " خطاء " بكسر الخاء وبألف بعد الطاء ممدوداً. وقرأ ابو جعفر وابن ذكوان - بفتح الخاء والطاء - من غير ألف بعدها وبغير مد. الباقون بكسر الخاء من غير مد، إِلا ان الداجوني عن هشام روى وجهين: أحدهما - مثل أبي عمرو، والآخر - مثل أبي جعفر. وقرأ أهل الكوفة إِلا عاصماً { فلا تسرف } بالتاء. الباقون بالياء. قال ابو علي الفارسي: قول ابن كثير (خِطاء) يجوز ان يكون مصدر خاطأ، وان لم يسمع (خاطأ) ولكن قد جاء ما يدل عليه، لأن ابا عبيدة انشد:
تخاطأت النبل أحشأه   
وانشدنا محمد بن السدي في وصف كمأة:
وأشعث قد ناولته أحرس القرى   أدرَّت عليه المدجنات الهواضب
تخاطاءه القناص حتى وجدته   وخرطومه من منقع الماء راسب
فتخاطأت مما يدل على خاطأ، لأن (تفاعل) مطاوع (فاعل) كما ان (تفعّل) مطاوع فعل، وقول ابن عامر (خطأ)، فان الخطأ ما لم يتعمد، وما كان المأثم فيه موضوعاً عن فاعله، وقد قالوا: اخطأ في معنى خطىء، كما ان خطىء في معنى اخطأ، قال الشاعر:
عبادك يخطئون وأَنت ربٌّ   كريم لا تليق بك الذُّموم
ففحوى الكلام أنهم خاطئون، وفي التنزيل { لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } فالمؤاخذة من المخطىء موضوعة، فهذا يدل على ان اخطأ في قوله:
يا لهف هند إِذ خطئن كاهلاً   
وفي قول آخر:
والناس يلحون الأمير اذا هم   خطئوا الصواب ولا يلام المرشد
اي اخطؤه، وكذلك قول ابن عامر (خطأ) في معنى أخطأ، وجاء الخطأ في معنى الخطاء، كما جاء خطىء في معنى اخطأ. وقال ابو الحسن: هذا خطاء من رايك؛ فيمكن أن يكون خطأ لغة فيه أيضاً. ومن قرأ " خطأ " فلانه يقال خطىء يخطأ خطأ إِذا تعمد الشيء حكاه الاصمعي، والفاعل منه خاطىء، وقد جاء الوعيد فيه في قولهلا يأكله إِلا الخاطئون } ويجوز أن يكون الخِطأ لغة في الخطأ مثل المثل والمثل، والشبه والشبهه، والبدل والبدل، قال الفراء: لغتان مثل قتب وقتب، وبدل وبدل، وحكى ابن دريد عن أبي حاتم، قال تقول: مكان مخطؤ فيه من خطئت ومكان مخطأ فيه من اخطأ يخطىء، ومكان مخطوّ بغير همزة من تخطى الناس فيخطَّى، ومن همزه تخطيت الناس، فقد غلط وقال المبرد: خطَّأه وخطاه بمعنى، عند ابي عبيدة والفراء والكسائي، إِلاّ ان (الخطأ) بكسر الخاء أكثر في القرآن (والخطأ) بالفتح افشى في كلام الناس ولم يسمع الكثير في شيء من اشعارهم الا في بيت قاله الشاعر:
الخِطأ فاحشة والبرّ فاضلة   كعجوة غرست في الأرض توبير
قال ابو عبيد: وفيه لغتان، خطئت وأخطأت، فمن قال: خطئت قال خطأ الرجل يخطأ خطأ، وخطاء، يكون الخطأ بفتح الخاء هو المصدر، وبكسرها الاسم.

السابقالتالي
2 3