الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً } * { ٱقْرَأْ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } * { مَّنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً }

قرأَ أَبو جعفر { ويخرج } بضم الياء، وفتح الراء، وقرأ يعقوب بالياء وفتحها وضم الراء. الباقون بالنون، وضمها، وكسر الراء. واتفقوا على نصب { كتاباً } وقرأَ ابن عامر وأَبو جعفر { يلقاه } بضم الياء، وفتح اللام وتشديد القاف. الباقون بفتح الياء وسكون اللام وفتح القاف وتخفيفها، ونصب كل انسان بفعل يفسره { أَلزمناه } وتقديره أَلزمنا كل انسان أَلزمناه، كما قالوالقمر قدرناه } فيمن نصب. ومعنى طائره قال ابن عباس، ومجاهد وقتادة: عمله من خير أَو شر كالطائر الذي يجيء من ذات اليمين، فيتبرك به، والطائر الذي يجيء من ذات الشمال فيتشاءم به، وطائره عمله. والزام الله طائره في عنقه: الحكم عليه بما يستحقه من ثواب أو عقاب. وقيل: معناه ان يحكم بأن عمله كالطوق في عنقه. ثم اخبر تعالى أنه يخرج للانسان المكلف يوم القيامة كتاباً فيه جميع أفعاله مثبتة ما يستحق عليه ثواب او عقاب.

وقوله { يلقاه } قرأ ابن عامر بضم الياء وفتح اللام، وتشديد القاف، بمعنى ان الملائكة يستقبلونهم. الباقون بفتح الياء والقاف، بمعنى أنهم يلقونه ويرونه.

فمن قرأ بالتخفيف، فمن لقيت الكتاب، فاذ ضاعفت قلت لقّانيه، وقد يتعدى بتضعيف العين الى مفعولين بعد ان كان متعدياً الى مفعول واحد، فاذا بني للمفعول به نقص مفعول واحد من المفعولين، لأن أحدهما يقول مقام الفاعل، لاسناد الفعل اليه، فيبقى متعدياً الى مفعول واحد، وعلى هذا قولهويلقَّون فيها تحية وسلاماً } وفي البناء للفاعلولقَّاهم نضرة وسروراً } وحكي عن الحسن ومجاهد أنهما قرءا { ويخرج } بفتح الياء وضم الراء، والمعنى يخرج طائره له " كتاباً " نصب على التمييز، وقيل في (طائره) أنه عمله. وقيل: أنه حظه، وما قدّمه من خير او شرّ قال المؤرج: الطائر العمل، بلغة الانصار، ويكون المعنى على هذا ويخرج عمله له كتاباً أي ذا كتاب، ومعناه أنه مثبت في الكتاب الذي قال فيهلا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها } وقالهآؤم اقرؤا كتابيه } وانما قيل لعمله طائره - وطيره في بعض القراءات - على تعارف العرب، يقولون: جرى طائره بكذا، ومثله قولهقالوا طائركم معكم } وقولهإنما طائرهم عند الله } وقال ابو زيد: ما مر من طائر أو ظبي أو غيره، كل ذلك عندهم طائر، قال ابو زيد: قولهم: سألت الطير، وقلت للطير، انما هو زجر، وقولهم زجرني الظباء والطير معناه وقع زجري عليهما، على كذا وكذا، من خير أو شرّ، ومنه قول الكميت:
ولا أنا ممن يزجر الطير همّه   أصاح عزاب أو تعرّض ثعلب
وقال حسان:
ذرينى وعلمي بالامور وشيمتي   فما طائري فيها عليك بأخيلا
اي ليس رأيي بمشوم، وقال كثير:
أقول إِذا ما الطير مرّت مخيلة   لعلك يوماً فانتظر ان تنالها

السابقالتالي
2