الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ }

يقول الله تعالى: إِني أنا الذي جعلت لكم ازواجاً { من أنفسكم } يعني من البشر، والذين يلدونهم ليكون ذلك آنس لهم وأليق بقلبهم، وخلقت من هؤلاء الأزواج بنين تسرون بهم وتتزينون بهم و { حفدة } اي وخلق لكم حفدة.

وقيل في معناه اقوال:

قال مجاهد وطاووس: هم الخدم، وقال ابن عباس: هم الخدم والاعوان، وانشد قول جميل:
حفد الولائد حولها واستمسكت   بأكفِّهنَّ أزّمة الأجمال
وفي رواية اخرى عن ابن عباس: إِنهم البنون وبنو البنين. وفي رواية اخرى أنهم بنو امرأة الرجل من غيره. وقال الحسن: من أعانك، فقد حفدك من البنين وبني البنات والاعوان والاهل. وقال ابن مسعود، وابو الضحى، وابراهيم وسعيد بن جبير: هم الاختان، وهم ازواج البنات.

وأصل الحفد الاسراع في العمل، ومنه يسعى ويحفد، ومر البعير يحفد حفداناً إِذا مر يسرع في سيره، وحفد يحفد حفداً وحفداناً، قال الراعي:
كلفت مجهولها نوقاً يمانية   إِذا الحداة على أكسائها حفدوا
والحفدة جمع حافد، مثل كامل وكملة. وقوله { ورزقكم من الطيبات } اي جعل لكم أشياء تستطيبونها وأباحها لكم.

وانما دخلت (من) لانه ليس كل ما يستطعمه الانسان رزقاً له، وانما رزقه. ما له التصرف فيه، وليس لغيره منعه منه.

ثم قال { أفبالباطل } يعني عبادة الأوثان والاصنام، وما حرم عليهم الشيطان من البحائر والسائبة والوصيلة يصدقون، وبنعمة الله التي عددها لهم { يكفرون } اي يجحدون ما أحله الله، وما حرم عليهم.