يقول الله تعالى ناهياً لعباده { لا تتّخذوا إِلهين اثنين } اي لا تعبدوا مع الله غيره، فتشركوا بينهما في العبادة. ثم اخبر انه إِله واحد لا اكثر منه، لان لفظة { إِنما } تفيد ثبوت الإله الواحد، ونفي ما زاد عليه على ما بيَّناه فيما مضى. وقوله { فأياي فارهبون } معناه ارهبوا عقابي وسخطي فلا تتخذوا معي إِلهاً آخر ومعبوداً سواي. وفي قوله { اثنين } بعد قوله { إِلهين } قولان: احدهما - أنه قال ذلك تأكيداً، كما قال { إِله واحد } تأكيداً. والثاني - ان يكون المعنى لا تتخذوا إِثنين إِلهين، فقدّم وأخَّر وكلاهما جائزان. وقوله { وله ما في السماوات والأرض } معناه انه يجب علينا ان نتقي عقاب من يملك جميع ما في السموات والارض، لانه مالك الضرَّ والنفع. ومعنى قوله { وله الدين واصباً } قال ابن عباس: يعني دائماً اي طاعته واجبة على الدّوام، وبه قال الحسن ومجاهد والضَّحاك وقتادة وابن زيد، ومنه قوله{ ولهم عذاب واصب } يقال منه: وصبَ الدين يصبُ وصُوباً، ووصباً، قال أبو الاسود الدؤليّ:
لا أبتغي الحمدَ القليل بقاؤه
يوماً بذم الدهر أجمع واصباً
وقال حسَّان:
غيَّرته الريح تسفي به
وهزيمٌ رعده واصب
والوصب الالم الذي يكون عن الاعياء بدوام العمل مدة، يقال: وصَب الرجل يوصَبُ وصباً، فهو وصِب قال الشاعر:
لا يغمز الساق من اين ولا وصَب
ولا يعض على شر سوفه الصفر
وقيل: المعنى وله الطاعة، وان كان فيها الوصب، وهو الشدة والتعب.