يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { أفأمن الذين مكروا } بالنبيّ والمؤمنين، وفعلوا السيئآت واحتالوا الفعل القبيح، على وجه الانكار عليهم، فاللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به الانكار { أن يخسف الله بهم الأرض } من تحتهم عقوبة لهم على كفرهم او يجيئهم العذاب من جهة، لا يشعرون بها، على وجه الغفلة { أو يأخذهم في تقلبهم } وتصرفهم، بأن يهلكهم على سائر حالاتهم، حتى لا ينفلت منهم أحد، فماهم بفائتين. والمعنى إِن ما يريد الله بهم من الهلاك لا يمتنع عليه ما يريده منهم { أو يأخذهم على تخوف } وقيل في معنى { تخوف } قولان: احدهما - قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد: على تنقّص بمعنى انه يؤخذ الأول فالأول حتى لا يبقى منهم احد، لان تلك حال يخاف معها الفناء ويتخوف معها الهلاك، وقال الشاعر:
تخوَّف السيرُ منها تامِكاً قَرِداً
كما تخوَّف عود النبعة السفَن
اي ينقص السير سنامها بعد تموكه، كما ينحت العود فيدق بعد غلظه. وقال الآخر:
تخوف عدوهم ما لي وأهلي
سلاسل في الحلوق لها صليل
والثاني - روي عن ابن عباس - في رواية أخرى - ان معناه على تفزيع. وقال الحسن: تهلك القرية فتخوف القرية الاخرى، وقال الفراء: تخوّفته، وتحوفته - بالخاء والحاء - إذا انتقصته من حافّاته. ومثله{ إن لك في النهار سبحاً طويلاً } بالخاء والحاء، سمعت العرب تقول سبحي صوفك، وهو شبيه بالندف، والسبخ مثل ذلك، قال المبرد: لا يقال تحوّفته، وإِنما هو تحيّفته.