الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَآءَ أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ } * { قَالَ إِنَّ هَؤُلآءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ } * { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ } * { قَالُواْ أَوَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ } * { قَالَ هَؤُلآءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ }

هذا إِخبار من الله تعالى أنه حين بلغ أهل المدينة نزول من هو في صورة الاضياف بلوط، جاؤوا إِليه مستبشرين فرحين، يقال استبشر استبشاراً وأبشر إِبشاراً، بمعنى واحد وضده اكتأب اكتآباً. وانما فرحوا طمعاً في ان ينالوا الفجور منهم، فقال لهم لوط { إِن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون } فيهم، والفضيحة ظهور السيئة التي يلزم العار بها عند من عملها، يقال: فضحه يفضحه فضيحة، وأفتضح افتضاحاً وتفاضحوا تفاضحاً. ثم قال لهم { اتقوا الله } باجتناب معاصيه، وفعل طاعته، { ولا تخزون } والخري الانقماع بالعيب الذي يستحيا يقال منه: خزي خزياً، واخزاه الله إِخزاء والاخزاء والاذلال والإهانة نظائر. وللضيف ذمام كانت العرب تراعيه، وتحافظ عليه، وتعيب من عنده ضيف ولم يقم بحقه؛ فلذلك قال لهم { إن هؤلاء ضيفي } ، فقالوا له في الجواب عن ذلك أو ليس نهيناك أن تستضيف أحداً من جملة الخلائق أو تنزله عندك، فقال لهم عند ذلك { هؤلاء } وأشار الى بناته. وقيل أنهن كن بناته لصلبه، وقيل انهن كن بنات قومه عرضهن عليهم بالترويج والاستغناء بهن عن الذكران. وقال الحسن، وقتادة: أراد { هؤلاء بناتي } فتزوجوهن { إِن كنتم فاعلين } كناية عن طلب الجماع. وقال الجبائي: ذلك للرؤساء الذين يكفون الاتباع، وقد كان يجوز في تلك الشريعة تزويج المؤمنة بالكافر، وقد كان في صدر شريعتنا جائزاً ايضاً، ثم حرّم. وهو قول الحسن. وقال الزجاج: أراد نساء أمته، فهم بناته في الحكم، قال الجبائي: وهذا القول كان من لوط لقومه قبل ان يعلم أنهم ملائكة لا يحتاج الى هذا القول لقومه.