أخبر الله تعالى انه لم يرسل فيما مضى من الازمان رسولاً الى قوم إِلا بلغة قومه حتى اذا بين لهم، فهموا عنه، ولا يحتاجون الى من يترجم عنه. وقوله { فيضل الله من يشاء } يحتمل امرين: احدهما - انه يحكم بضلال من يشاء اذا ضلوا هم عن طريق الحق. الثاني - يضلهم عن طريق الجنة إِذا كانوا مستحقين للعقاب و { يهدي من يشاء } الى طريق الجنة { وهو العزيز } يعني القادر الذي لا يقدر أحد على منعه { الحكيم } في جميع افعاله؛ ليس فيها ما له صفة السفه. ويحتمل ان يريد انه محكم لافعاله التي تدل على علمه. ورفع قوله { فيضل الله } لان التقدير على الاستئناف، لا العطف على ما مضى، ومثله قوله{ لنبين لكم ونقر في الأرحام } ومثله{ قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم } ثم قال بعد ذلك{ ويتوب الله على من يشاء } لانه إِذا لم يجز ان يكون عطفاً على ما مضى فينتصب لفساد المعنى فلا بد من استئنافه ورفعه. وقال الحسن: امتن الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم انه لم يبعت رسولا إلا الى قومه، وبعثه خاصة الى جميع الخلق. وقال مجاهد: بعث الله نبيه الى الاسود والاحمر ولم يبعث نبيا قبله إِلا الى قومه واهل لغته.