الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } * { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ }

لما ضرب الله المثل للكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة التي ذكرها وأكلها، ضرب المثل للكلمة الخبيثة بالشجرة الخبيثة التي تجتث اي تقلع، يقال: اجتثه اجتثاثاً وجثه جثاً، ومنه الجثة، والاجتثاث الاستئصال للشيء واقتلاعه من أصله، وقال انس بن مالك ومجاهد: الشجرة الممثل بها هي شجرة الحنظل، قال أنس: وهي السرمان. وقال ابن عباس: هي شجرة لم تخلق بعد. والمثل قول سائر يشبه فيه حال الثاني بالاول، والتشبيه في الامثال؛ لما يحتاج اليه من البيان وهو على وجهين: احدهما - ما يظهر فيه اداة التشبيه. والآخر - ما لا يظهر فيه.

والكلمة الواحدة من الكلام، ولذلك يقال للقصيدة كلمة، لانها قصيدة واحدة من الكلام. والكلمة إِنما تكون خبيثة اذا خبث معناها. وهي كلمة الكفر، والطيبة كلمة الايمان، والخبث فساد يؤدي الى فساد.

وقوله { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا } يعنى كلمة الايمان { وفي الأخرة } قال ابن عباس والبراء بن عازب: هي المسألة في القبر اذا أتاة الملك، فقال له من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيقول: ربي الله وديني الاسلام ونبي محمد صلى الله عليه وسلم. وقال قوم: معنى { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا } يعني الايمان يثبتهم الله بثوابه في الجنة ويمدحهم فيها.

وقوله { ويضل الله الظالمين } يحتمل امرين:

احدهما - يحكم بضلال الظالمين.

الثاني - يضلهم عن طريق الجنة الى طريق النار { ويفعل الله ما يشاء } من ذلك لا اعتراض عليه في ذلك ولا في غيره مما يريد فعله.