الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } * { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ }

قرأ ابن كثير " المتعالي " بياء في الوصل والوقف الا المالكي والعطار عن الزبيبى ويعقوب، وروى المالكي والعطار عن الزبيبي بياء في الوقف دون الوصل. الباقون بغير ياء في الحالين. وروي عن ابي عمير - في رواية شاذة - مثل ابن كثير، قال أبو علي: اثبات الياء في الحالين هو القياس، وليس ما فيه الالف واللام من هذا الباب كما لا الف فيه ولام نحو قاض وغاز. قال سيبويه إذا لم يكن في موضع تنوين يعنى اسم الفاعل فان الاثبات اجود في الوقف نحو هذا القاضي، وهذا الغازي، لانها ثابتة في الوصل يريد ان الياء مع الالف واللام تثبت ولا تحذف كما تحذف من اسم الفاعل إذا لم يكن فيه الالف واللام، نحو هذا قاض، فاعلم، فالياء مع غير الالف واللام تحذف في الوصل، فاذا حذفت في الوصل كان القياس ان تحذف في الوقف. وهي اللغة والأقيس. فأما إذا حذفت الالف واللام، ولا يحذف اللام - في اللغة التي هي اكثر عند سيبويه، فأما من حذف في الوصل والوقف فلأن سيبويه زعم ان من العرب من يحذف هذا في الوقف شبهه بما ليس فيه الف ولام إذ كانت تذهب الياء في الوصل في التنوين لو لم يكن الف ولام. واما حذفهم لها في الوصل فلم يكن القياس، لانه لم يضطر الى حذفه لشيء كما اضطر ما لا الف ولام فيه للتقاء الساكنين، فكرهوا حركة الياء بالضم والكسر لكن حذف؛ كما حذف في الفواصل وما اشبه الفواصل تشبيهاً بالقوافي.

اخبر الله تعالى انه عز وجل { يعلم ما تحمل كل أنثى } من علقة او مضغة ومن ذكر او انثى ومن زائد او ناقص وعلى جميع احواله وصفاته، لانه عالم لنفسه. (والحمل) بفتح الحاء ما كان في البطن - وبكسرها - ما كان على الظهر. وقوله " وما تغيض الأرحام " وما تزداد، وقيل فيه ثلاثة اقوال:

الأول ما ينقص من ستة أشهر وما يزداد لان الولد يولد لستة اشهر فيعيش ويولد لسنتين فيعيش ذهب اليه الضحاك.

الثاني - قال الحسن ما ينقص بالسقط وما يزداد بالتمام.

الثالث قال ابن زيد ما ينقص بغور النطفة وظهور دم الحيض فينقص تلك الايام، لانه لا يعتد بها في الحمل وينقص حال الولد وما يزداد من الاشهر، وفي حال الولد. وقال الفراء الغيض النقصان، تقولون: غاضت المياه اي نقصت، وفي الحديث " اذا كان الشتاء غيضاً والولد غيضاً وغاضت الكرم غيضاً وفاضت اللئام فيضاً " وقال الزجاج الغيض النقصان.

وقوله { وكل شيء عنده بمقدار } قيل في معناه قولان:

احدهما - ان جميع ما يفعله الله على مقدار ما تدعو اليه الحكمة من غير نقصان ولا زيادة، وقال قتادة: معناه كل شيء عنده بمقدار في الرزق والاجل.

السابقالتالي
2