الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَٱللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

يقول الله تعالى لهؤلاء الكفار على وجه التنبيه لهم على الاعتبار بأفعال الله، أو ما يرون أنَّا ننقص الارض من أطرافها؟ وقيل في معناه أربعة أقوال:

قال ابن عباس والحسن والضحاك: ما فتح على المسلمين من أرض المشركين.

وقال مجاهد، وقتادة: وننقصها بموت اهلها. وفي رواية أخرى عن ابن عباس ومجاهد: بموت العلماء. وفي رواية أخرى عنهما: بخرابها. ثمّ أخبر أن الله تعالى يحكم ويفصل الأمر ولا احد يعقّب حكمه، ولا يقدر على ذلك، وأنه سريع المجازاة على افعال العباد، على الطاعات بالثواب، وعلى المعاصي بالعقاب. والنقص أخذ الشيء من الجملة، وفي فلان نقص أي نقص منزلة عن منزلة عظيمة في المقدور أو المعلوم، والثاني للامور. والطرف منتهى الشيء، وهو موضع من الشيء ليس وراءه ما هو منه. وأطراف الأرض نواحيها. والتعقيب ردّ الشيء بعد فصله، ومنه عقَّب العقاب على صيده إِذ أردّ الكرور عليه بعد فصله عنه قال لبيد:
حتى تهجّر في الرواح وهاجه   طلب المعقّب حقه المظلوم
والسرعة عمل الشيء في قلة المدة، على ما تقتضيه الحكمة، وضده الابطاء، والسرعة محمودة والعجلة مذمومة.